الباب الثاني: أحوال المسند إليه: (1-2) الذكر والحذف

الاثنين، نوفمبر 18، 2013 التسميات:

بسم الله الرحمان الرحيم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله


الباب الثاني:  أحوال المسند إليه

بعدما أتم الناظم رحمه الله تعالى الحديث في الباب الأول عن الإسناد وبيان أقسامه وأحواله وما يتعلق به، عقد هذا الباب للحديث عن أحوال المسند إليه؛ أي: الأمور العارضة التي بها يطابق اللفظ مقتضى الحال، كحذفه وذكره، وتعريفه وتنكيره، وغير ذلك من الاعتبارات الراجعة إليه لذاته.
*****
[1]- حذف المسند إليه
قال رحمه الله تعالى:
الحَذْفُ لِلصَّوْنِ وَلِلإِنكَارِ
 
وَالإِحْتِرَازِ وَلِلإِخْتِبَارِ
  
هذا هو الحال الأول من أحوال المسند إليه، وهو: الحذف. وهو من ألطف أبواب البلاغة. قال الشيخ عبد القاهر الجرجاني في دلائل الإعجاز: "هذا باب دقيق المسلك، لطيف المأخذ، عجيب الأمر، شبيه بالسحر، فإنك ترى به ترك الذكر أفصح من الذكر، والصمت عن الإفادة أزيد للإفادة، وتجدك أنطق ما تكون إذا لم تنطق، وأتم ما تكون بيانا إذا لم تبين، وهذه جملة قد تنكرها حتى تَخْبَر، وتدفعها حتى تنظر".
وحذف المسند إليه يفتقر إلى أمرين:
أحدهما: قابلية المقام، وهو أن يكون السامع عارفا به لوجود القرائن.
والثاني: الداعي الموجب لرجحان الحذف على الذكر، وهو يكون لعدة اعتبارات، ذكر منها الناظم رحمه الله تعالى أربع اعتبارات، وهي:
1- الصون: أي صون اللسان عن ذكره، تعظيما له، نحو قوله تعالى: { وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا} [الجن:10] حيث حذف لفظ الجلالة وجاء الفعل (أريد) مبنيًا لما لم يسم فاعله, تعظيمًا لاسم الله عن نسبة إرادة الشر إليه سبحانه وتعالى. أو تحقيرا له، نحو قولك: (رجيم)، أي: الشيطان.
2- الإنكار: أي: تأتي الإنكار عند الحاجة إليه، ومثاله:أن يقول قائلٌ: فاسق، ومراده: زيدا، لقيام القرينة على أنه المراد، وذلك ليتأتى له أن يقول: ما أردت زيدا بل غيره.
3- الاحتراز: أي التحفظ بذكر ما يمكن أن يستغنى عنه. نحو قولك لمن سألك: ما اسمك؟ فتقول: محمد.
4- الاختبار: أي امتحان المتكلم تنبهَ السامع، هل يتنبه عند القرينة أم لا، أو اختبار مقدار تنبهه، بأنه هل يتنبه بأدني قرينة أو يحتاج إلى أزيد منه. كقولك: "ألف الموطأ"، أي: الإمام مالك. فقد حذف المسند إليه لتختبر مدى معرفة هذا السامع بالإمام مالك وكتب الحديث، ونحو ذلك.
وللحذف أغراض أخرى لم يذكرها الناظم رحمه الله تعالى، منها: ضيق المقام عن ذكره، المحافظة على السجع، أو على القافية، وتعجيل المسرة والبشرى، إلى غير ذلك مما يعلم بالوقوف عليه في المظولات.
*****
[2]- ذكر المسند إليه
قال الناظم رحمه الله تعالى:
وَالذِّكْرُ لِلتَعْظِيمِ وَالإِهَانَةِ
 
وَالْبَسْطِ وَالتَّنْبِيهِ وَالْقَرِينَةِ
  
الحال الثاني من أحوال المسند إليه: ذكره.
وهو يكون لدواع، ذكر الناظم رحمه الله تعالى منها خمسة دواعي، وهي:
1-  التعظيم: أي إظهار تعظيم المسند إليه. نحو قولك لمن سألك: من نبيك؟ فتقول: "نبينا محمد صلى الله عليه وسلم".
2-  الإهانة: عكس الأول، نحو: "زيد الفاسق مقبل".
3-  البسط: أي بسط الكلام في مقام يكون إصغاء السامع مطلوبا للمتكلم لعظمته وشرفه، نحو قوله تعالى حكاية عن موسى مخاطبا ربه: {هي عصاي}.
4-  التنبيه: أي التنبيه على جهل وغباوة المخاطب، نحو قولك  لعابد صنم: "الصنم لا يضر ولا ينفع".
5-  القرينة: أي ضعف الاعتماد على القرينة فيحتاج لذكر المسند إليه في إفهام المخاطب نحو قولك : "ألف مالك الموطأ" .
وللذكر أغراض أخرى لم يذكرها الناظم رحمه الله تعالى، تنظر في المظولات.

وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه، والحمد لله رب العالمين.

بقلم : هشام حيجر
خريج دار الحديث الحسنية من المغرب الأقصى ، صدرت له مجموعة من الإصدارات العلمية ، تستطيع متابعتي من خلال ما يلي :

0 التعليقات :

 
واحة الفقيه والمتفقه © 2010 | تعريب وتطوير : سما بلوجر | Designed by Blogger Hacks | Blogger Template by ColorizeTemplates