1 الشَّرْبُ وَالشِّرْبُ وَالشُّرْبُ

الاثنين، ديسمبر 09، 2013 التسميات:
بسم الله الرحمان الرحيم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله


قال الناظم رحمه الله تعالى :
26-الشَّرْبُ جَمْعُ نُدَمَا
وَالشِّرْبُ حَظٌّ قُسِمَا
27-وَالشُّرْبُ فِعْلٌ عُلِمَا
 
وَقِيلَ مَاءُ العِنَبِ
  
قلت:
قوله (الشَّرْبُ جَمْعُ نُدَمَا) :
الشَّرْب-بالفتح- جمع شارب، وهذا قول الأخفش، وقيل: اسم للجمع، وهذا قول سيبويه، وهم القوم يجتمعون على الشراب[1]. قال الأَعْشَى[2] :
فقُلْتُ للشَّرْبِ في دُرْنَى وقَدْ ثَمِلُوا
 
شِيمُوا وكَيْفَ يَشِيمُ الشّارِبُ الثَّمِلُ
  
قوله (وَالشِّرْبُ حَظٌّ قُسِمَا) :
الشِّرْب - بالكسر- : النَّصيب من الماء، وقيل: الماء بعينه، والجَمْعُ أَشْرَابٌ[3]. قال الله تعالى: {لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ}[ الشعراء:155]، وقال أبو زبيد الطائي[4]:
أي ساعٍ سعى ليقطع شِرْبِي
 
حين لاَحَت للشَّارب الجوزاء
  
والشِّرْب أيضا: وقتُ الشّرب[5].
والشِّرب: ضرب من الثياب[6].
قوله (وَالشُّرْبُ فِعْلٌ عُلِمَا) :
الشُّرْب -بالضم-: الشرب بعينه للماء، أو لغيره من المشروبات ، قال ابن سيده: " والشَّرَابُ ما شُرِبَ من أيِّ نَوْعٍ كان وعلى أيِّ حالٍ كانَ"[7].
والشُّرْب أيضا: الفهم، حكاه أبو عمر المطرز[8].
وقوله ( وَقِيلَ مَاءُ العِنَبِ): أي أن الشرب بالضم أيضا، هو الخمر.ولم أقف عليه، والله أعلم.



[1] - انظر: المثلث (441)، إكمال الإعلام بتثليث الكلام (2/330)، مقاييس اللغة (3/267)، القاموس المحيط (128) ، لسان العرب(1/488)، تاج العروس(3/111).
[2] - ديوانه (164).
[3] - انظر: المحكم والمحيط الأعظم(8/52)، المثلث (441)، إكمال الإعلام بتثليث الكلام (2/330)، مقاييس اللغة (3/267)،القاموس المحيط (128)، لسان العرب(1/488)، تاج العروس(3/111).
[4] - كذا نسبه إليه : الصدر البصري في الحماسة البصرية (2/358)، وعبد القادر البغدادي في فزانة الأدب (7/300).
[5] - المثلث (441).
[6] - المثلث (441) .
[7] - المحكم والمحيط الأعظم (8/52).
[8] - المثلث (441) .
تابع القراءة

0 المقامة الكوفية (2/1)

الجمعة، ديسمبر 06، 2013 التسميات:
بسم الله الرحمان الرحيم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله


(حَكى الحارثُ بنُ همّامٍ قال: سمَرْتُ) تحدثت ليلة مع جماعة، وأصله  من السمر، وهو سواد الليل (بالكوفَةِ) مدينة بالعراق (في ليلَةٍ أديمُها) جلدها (ذو لوْنَينِ) أبيض وأسود إشارة إلى ضوء القمر وظلمة الليل. (وقمرُها كتَعْويذٍ) شيء يكتب ويعلق (من لُجَينٍ) فضة والمراد عقد فضة يستعمل مستديرا استدارة القمر وبعض الدائرة فارغ فيربط في الدائرة خيط فيعلق في أعناق الصبيان (معَ رُفقَةٍ) صحبة (غُذوا) ربوا (بلِبانِ) ما ترضع به الآدمية ولدها، ولا يقال له لبن، إنما اللبن للبهائم (البَيانِ) الفصاحة (وسحَبوا) جروا (على سَحْبانَ) رجل يضرب به المثل في الخطابة والفصاحة (ذيْلَ النّسْيانِ) طرفه (ما فيهِمْ إلا مَنْ يُحْفَظُ عنْهُ) كلامه وفوائده (ولا يُتَحفَّظُ منْهُ) يتحذر (ويَميلُ الرّفيقُ إليهِ ولا يَميلُ عنهُ) يقال: مال إليه إذا أحب صحبته، ومال عنه: إذا كرهها (فاستَهْوانا) استدعى هوانا والمراد استولى علينا (السّمَرُ) تقدم (إلى أنْ غرَبَ القمَرُ) غاب (وغلَبَ السّهَرُ) عدم النوم (فلمّا روّقَ الليْلُ) أي أظلم وأصله من ترويق البيت، وهو أن يجعل له رواق (البَهيمُ) الذي لايخالط لونه لون آخر (ولمْ يبْقَ إلا التّهويمُ) النوم الخفيف الذي لم يبق من الليل إلا قدر ما يسع نومة خفيفة (سمِعْنا منَ البابِ نبْأةَ) صوتا خفيا (مُستَنْبِحٍ) الذي يصيح كالكلاب، وأصله أن الساري كان إذا ألجاه الجهد أو البرد أو الضلال عن الطريق حكى نباح الكلب لتجاوبه كلاب الحي المتوهم نزولهم في طريقه فيهتدي إليهم بصياحها (ثمّ تلَتْها) تبعتها (صكّةُ) دفعة (مُستفْتِحٍ) طالب فتح الباب (فقُلنا: منِ المُلِمّ) النازل (في اللّيلِ المُدْلَهِمّ؟) شديد السواد (فقال) [شعر]
(يا أهلَ ذا المَغْنى) المنزل (وُقيتُمْ شَرّا) كفيتموه (ولا لَقيتُمْ ما بَقيتُمْ) مدة بقائكم (ضُرّا) ضد النفع (قدْ دفَعُ الليلُ الذي اكْفَهَرّا) اشتدا ظلمته (إلى ذَراكُمُ) منزلكم ونزلكم (شَعِثاً) متغير شعر الرأس (مُغْبَرّا) عليه الغبار (أخا سِفارٍ) ملازم للسفر (طالَ واسْبَطَرّا) امتد وطال سفره (حتى انْثَنى) رجع (مُحْقَوْقِفاً) منحنيا من شدة الهزال (مُصْفَرّا) أصفر اللون (مثلَ هِلالِ الأُفْقِ) أي في الانحناء (حينَ افْتَرّا) انتفخت أطرافه ولم يتقارب (وقد عَرَا) قصد (فِناءكُمْ) منزلكم (مُعْتَرّا) طالب معروف (وأمَّكُمْ) قصدكم (دونَ الأنام طُرّا) أجمع (يبْغي) يطلب (قِرًى) ضيافة (منكُمْ ومُستَقَرّا) موضع قرار (فَدونَكُمْ ضَيْفاً قَنوعاً حُرّا) كريما (يرْضَى بما احْلَوْلى) اشتدت حلاوته (وما أمَرّا) صار مرا (وينثَني) يرجع (عنْكُمْ ينُثّ) يفشي (البِرّا) المعروف. [انتهى الشعر].
(قال الحارثُ بنُ هَمّامٍ: فلمّا خلَبَنا) خدعنا (بعُذوبَةِ نُطقِهِ) حسن منطقه (وعلِمْنا ما وَراء برْقِه) أي: استدللنا بكلامه الفصيح على غزارة أدبه وعلمه (ابتَدَرْنا فتْحَ البابِ) استبقنا إليه (وتلَقّيناهُ بالتّرْحابِ) أي: بقولنا: مرحبا (وقُلْنا للغُلامِ: هيّا هَيّا) اسم فعل بمعنى: أسرع (وهلُمّ) اسم فعل بمعنى أحضر (ما تَهيّا!) الذي تيسر (فقالَ الضّيفُ: والذي أحَلّني ذَراكُمْ) فناءكم (لا تلَمّظْتُ بقِراكُمْ) لا أكلت طعامكم والتلمظ أصله تتبع اللسان ما بقي من الطعام في الفم بعد الأكل (أو تَضْمَنوا لي أنْ لا تتّخِذوني كَلاًّ) ثقيلا (ولا تجَشّموا) تكلفوا (لأجْلي أكْلاً) طعام (فرُبّ أكْلَةٍ) بالضم: اللقمة، وبالفتح: الفعلة الواحدة (هاضَتِ الآكِلَ) أضعفته وأدخلت عليه هيضة، وهي القيء والإسهال (وحرَمَتْهُ) منعته (مآكِلَ) جمع مأكلة أو مأكل (وشَرُّ الأضْيافِ مَنْ سامَ التّكليفَ) أي عرض مضيفه إلى تكلف ما يشق عليه (وآذَى المُضيفَ) أدخل عليه الأذى والضرر (خُصوصاً أذًى يعْتَلِقُ بالأجْسامِ) يلزمها (ويُفْضي) يؤول (إلى الأسْقامِ) الأمراض (وما قيلَ في المثَلِ الذي سارَ سائِرُهُ) انتشر التحدث به ومشى في الناس (خيرُ العَشاء سَوافِرُهُ) بواكره، أي: ما أكل منه بضوء النهار (إلا ليُعَجَّلَ التّعَشّي) أكل العشاء (ويُجْتَنَبَ أكْلُ اللّيلِ الذي يُعْشي) يورث العشا، وهو سوء البصر (اللهُمّ إلاّ أن تقِدَ نارُ الجوعِ) أي: يشتد الجوع (وتَحولَ دونَ الهُجوعِ) تمنع من النوم.
(قال: فكأنّهُ اطّلعَ على إرادَتِنا) من عدم التكليف وإحضار ما تيسر (فرَمى عنْ قوْسِ عَقيدَتِنا) ما انعقدت عليه نياتنا (لا جَرَم) لا محالة (أنّا آنَسْناهُ بالتِزامِ الشّرْطِ) أي قوله: لا تلمظت بقراكم (وأثْنَينا على خُلُقِهِ السّبْطِ) الحسن السهل (ولمّا أحْضَرَ الغُلامُ ما راجَ) تيسر (وأذْكى) أوقد (بينَنا السّراجَ) المصباح (تأمّلتُهُ) نظرته متأملا (فإذا هوَ أبو زيْدٍ) السروجي (فقُلتُ لصَحْبي: ليُهْنَأكُمُ) يسركم (الضّيفُ الوارِدُ) النازل (بلِ المَغْنَمُ البارِدُ) أي الحاصل بلا تعب ولا عناء (فإنْ يكُنْ أفَلَ) غاب (قمَرُ الشِّعْرَى) كوكب معروف (فقدْ طلَعَ قمَرُ الشِّعْرِ أوِ استَسَرّ) خفي (بدْرُ النّثْرَةِ) كوكبان معروفان (فقدْ تبلّجُ) ظهر (بدْرُ النّثْرِ) ضد النظم (فسرَتْ) جرت (حُمَيّا المسَرّةِ فيهِمْ) أي شدة السرور (وطارَتِ السِّنَةُ) أخف من النوم (عنْ مآقِيهِمْ) عيونهم (ورَفَضوا) تركوا (الدَّعَةَ) الراحة (التي كانوا نَوَوْها) أي عزمهم على النوم والراحة (وثابُوا) رجعوا (إلى نشْرِ الفُكاهَةِ) المزاح والكلام الظريف (بعْدَما طوَوْها) ضد نشروها (وأبو زيْدٍ مُكِبٌّ على إعْمالِ يدَيْهِ) أي بالأكل.
(حتى إذا استَرْفَعَ ما لدَيْهِ) أي: طلب رفعه بعدما شبع (قلتُ لهُ: أطْرِفْنا) أتحفنا بطرفة (بغَريبَةٍ منْ غَرائِبِ أسْمارِكَ) جمع سمر وهو حديث الليل (أو عَجيبَةٍ منْ عَجائِبِ أسفارِكَ) جمع سفر (فقال: لقدْ بلَوْتُ) خبرت (منَ العَجائِبِ ما لمْ يرَهُ الرّاؤونَ) الناظرون (ولا رواهُ الرّاوونَ) جمع راوي (وإنّ منْ أعجبِها ما عايَنْتُهُ) شاهدته عيانا (الليلَةَ قُبَيلَ انْتِيابِكُمْ) الإتيان إليكم (ومَصيري إلى بابِكُمْ) رجوعي إليه (فاستَخْبَرْناهُ) طلبنا منه أن يخبرنا (عَنْ طُرفَةِ مَرآهُ) رؤيته (في مسرَحِ) المكان الذي يسرح إليه ويمشي (مسْراهُ) سيره ليلا (فقال: إنّ مَراميَ الغُربَةِ) قواذفها (لفَظَتْني) رمتني (إلى هذِهِ التُرْبَةِ) الأرض (وأنا ذو مَجاعَةٍ وبؤسَى) ضرر (وجِرابٍ) وعاء (كفؤادِ أمّ موسَى) أي فارغا إشارة إلى قوله تعالى: {وأصبح فؤاد أم موسى فارغا} (فنهَضْتُ) قمت (حينَ سَجا) سكن وأظلم (الدُجى) جمع دجية، وهي قطعة من الليل (على) مع (ما بي منَ الوَجَى) الحفا (لأرْتادَ) أطلب (مَضيفاً) محل للضيافة (أو أقْتادَ) أقود (رَغيفاً فساقَني) من السوق (حادِي السّغَبِ) داعي الجوع (والقضاءُ) أي وساقني القضاء (المُكنّى أبا العجَبِ) أي المكنى عنه بـ أبا العجب أو المكنى هو به (إلى أنْ وقفْتُ على بابِ دارٍ فقلْتُ على بِدارٍ) مسرعا [شعر].

(حُييتُمُ) طابت حياتكم (يا أهلَ هذا المنزِلِ) سكانه (وعِشتُمُ في خفضِ عيشٍ) سهله (خضِلِ) ناعم (ما عندكُمْ لابنِ سَبيلٍ) خاطر طريق (مُرمِلِ) لا زاد له (نِضْوِ سُرًى) هزيل من مشي الليل في الأسفار (خابِطِ ليْلٍ) الذي يمشي فيه على غير هداية (ألْيَلِ) شديد الظلمة (جَوِي الحَشى) فاسد الجوف من شدة الجوع  (على الطّوى) الجوع (مُشتَمِلِ) منضم ( ما ذاقَ مذْ يومانِ طعمَ مأكَلِ) شيء يؤكل (ولا لهُ في أرضِكُمْ منْ مَوْئِلِ) ملجأ (وقد دَجا) ألبس (جُنْحُ) سواد (الظّلامِ المُسبِلِ) المطبق (وهْوَ منَ الحَيرَةِ في تملْمُلِ) توجع (فهلْ بهَذا الرَّبعِ) المنزل (عذبُ المنهَلِ) موضع الماء (يقول لي: ألْقِ عَصاكَ) أي اترك السير وأقم (وادخُلِ وابْشَرْ) افرح (ببِشْرٍ) طلاقة وجه (وقِرًى مُعجَّلِ) ما يهيأ لإكرام الضيف.[انتهى الشعر].
تابع القراءة

0 باب فرائض الصلاة وسننها وفضائلها ومكروهاتها: (1) فرائض الصلاة

التسميات:
بسم الله الرحمان الرحيم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله



قال المنصف رحمه الله تعالى: (بَابُ فَرَائِضِ الصَّلاَةِ وَسُنَنِهَا وَفَضَائِلِهَا وَمَكْرُوْهَاتِهَا
فَأَمَّا فَرَائِضُ الصَّلاَةِ فَخَمْسَةَ عَشَرَ: النِّيَّةُ، وَتَكْبِيْرَةُ الإِحْرَامِ، وَالقِيَامُ لِلْقَادِر، وَقِرَاءَةُ الفَاتِحَةِ، وَالقِيَامُ لَهَا، وَالرُّكُوْعُ، وَالرَّفْعُ مِنْهُ، وَالسُّجُوْدُ، وَالرَّفْعُ مِنْهُ، وَالجُلُوْسُ مِن الجَلْسَةِ الأَخِيْرَةِ بِقَدْرِ السَّلاَمِ، وَالسَّلاَمُ الْمُعَرَّفِ بِالأَلِفِ وَالَّلاَمِ، وَالطُّمَأْنِيْنَةُ، وَالاِعْتِدَالُ، وَتَرْتِيبُ الأَدَاءِ، وَنِيَّةُ اقْتِدَاءِ المَأْمُومِ) .

قلت:
لما أنهى المصنف رحمه الله تعالى الكلام على شروط الصلاة الخارجة عن ماهيتها، شرع في الكلام على المقصود بالذات، وهو الصلاة، مشيرا إلى اشتمالها على فرائض وسنن وفضائل ومكروهات، وبدأ بذكر الفرائض، فذكر أنها خمسة عشر فرضا، وهي:
(1) النِّيَّةُ: أي نِيَّة الصلاة المعينة، ومَحَلُّها: القلب، ويجوز التلفظ بها، وإن تخالف عقدُه بقلبه ونطقُه بلسانه - كأن ينوي بقلبه الظهر مثلا وبلسانه العصر - فالعبرة بما عقده القلب.
(2) تَكْبِيْرَةُ الإِحْرَامِ:  لقوله صلى الله عليه وسلم: « تَحْرِيمُها التَّكْبِير » رواه أبو داود وغيره، وسُمِّيت بتكبيرة الإحرام: لأنه يَحْرُم عليه بها ما كان مباحا له قبلها من الكلام وغيره. ولا يجزئ فيها إلا لفظ: "الله أكبر" ولو لعجمي، إلا إن تعذَّر النطق بالتكبير، فيسقط.
ويستحب الجهر بتكبيرة الإحرام .
(3) القِيَامُ لِلْقَادِر: بخلاف العاجز، فيُكَبِّرُ لها على حاله.
(4) قِرَاءَةُ الفَاتِحَةِ: في جميع الصلاة، للإمام والمنفرد، بحركة اللسان وإن لم يسمع نفسه، والأولى: إسماع نفسه مراعاة للخلاف. ويجب على المكلف تعلمها إن أمكنه ذلك، وإلا أثم.
(5) القِيَامُ لَهَا: في الفرض، للقادر مُسْتَقِلاًّ، وإلا قام مُستندا، ثم جالسا مستقلا، ثم جالسا مستنداً . وإن لم يقدر على الجلوس استحب أن يصلي على جنبه الأيمن، ثم على جنبه الأيسر، ثم على ظهره.
وأما في النفل، فلا يجب القيام، ولكنه الأفضل .
(6) الرُّكُوْعُ: وحَدُّهُ : أن تقرب راحتاه - وهما بطنا الكفين فيه - من ركبتيه - وهما المفصل بين الفخذ والساق والبارز عند الركوع-. ويُستحب أن يُمَكِّنَ كَفَّيْه من رُكْبَتَيْهِ .
(7) الرَّفْعُ مِنَ الرُّكُوْعِ.
(8) السُّجُوْدُ: ويكون على بعض جبهته وأنفه جميعاً، فلو سجد على جبهته دون أنفه صحَّت صلاتُه ويعيد في الوقت. وإن سجد على أنفه دون جبهته بَطُلت ويُعِيدُها أبداً.
ويُسَنُّ السُّجُود على أطراف قدميه وركبتيه كيديه، وهي تمام السبعة أعضاء التي أمر صلى الله عليه وسلم بالسجود عليها، فقد قال عليه الصلاة والسلام:  « أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ : الوجهُ واليدين والرُّكبتين وأطرافُ القدَمين » متفق عليه.
(9) الرَّفْعُ مِنَ السُّجُوْدِ.
(10) الجُلُوْسُ مِن الجَلْسَةِ الأَخِيْرَةِ بِقَدْرِ السَّلاَمِ.
(11) السَّلاَمُ الْمُعَرَّفِ بِالأَلِفِ وَالَّلاَمِ: ولا يجزئ ما عُرِّفَ بالإضافة فيه، كـ "سلام عليكم"، أو: "سلام الله عليكم" على المشهور، ولا يكفي لفظة "السلام" دون "عليكم "، وقيل: يُجزئ. وتعين لفظ "عليكم" على المنفرد والمأموم والإمام سواء أكان خلفه مُنفرداً أو متعدداً ، ذكراً أو أنثى ، إذ لا يخلو من مصحوب من الملائكة ، وأقلهم الحفظة الذين لا يفارقونه. ولو قال: "عليكم السلام" قولان . ولو زاد: "ورحمة الله وبركاته" جاز. ويُخفِّفه فلا يطوله ولا يخفيه حتى لا يفهم، قاله مالك .
(12) الطُّمَأْنِيْنَةُ: في جميع صلاته، والمراد بها: رُجوع الأعضاء لمحالِّها، وذلك لخبر المسيء لصلاته، وفيه قوله صلى الله عليه وسلم له: « ارْكَعْ حتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعاً ، ثُمَّ ارْفَع حَتَّى تَعْتَدِلَ قائِماً ، ثُمَّ اسجد حتَّى تَطْمَئِنَّ  سَاجِداً » الحديث. متفق عليه.
ويكفي منه أدنى لبث .
(13) الاِعْتِدَالُ: في الفصل بين الأركان، لأنه قد يطمئن غير معتدلٍ، وقد يعتدل غير مطمئنٍ، وقد يجتمعان، فإن لم يعتدل وجبت الإعادة، وقيل: إنه غير واجب .
(14) تَرْتِيبُ الأَدَاءِ: وهو أن يأتي بالصلاة على نظمها، بأن يكون الإحرام قبل القراءة، وهي قبل الركوع، وهو قبل السجود .
(15) نِيَّةُ اقْتِدَاءِ المَأْمُومِ: أي أن ينوي المأموم أنه مقتد بالإمام ومتبع له، وإلا لما وقع التمييز بينه وبين الفذ، وإن لم ينوه بطلت. وأما الإمام فلا تلزمه نية الإمامة إلا في أربعة مواضع ذكرها القاضي عبد الوهاب، وهي: صلاة الجمعة، صلاة الخوف، المستخلف يلزمه إن ينوي الإمامة ليميز بين نية المأمومية والإمامية، وتحصيل فضيلة الجماعة.

هذا والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله، والحمد لله رب العالمين.
تابع القراءة

0 الحديث المسند

التسميات:
بسم الله الرحمان الرحيم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله


قال الناظم رحمه الله تعالى:
و مِثلُهُ المُسْنَدُ أو ذَا ما وُصِلْ ** لِقائِلٍ وَلَو بِهِ الوَقْفُ حَصَلْ

قلت:
المعنى: أن المسند هو: الحديث المرفوع. وهذا التعريف للحافظ ابن عبد البر رحمه الله تعالى، وقد تعقبه الحافظ ابن حجر وغيره، بأنه يلزم عليه أن يصدق على المرسل والمعضل والمنقطع إن كان مرفوعا، ولا قائل به.
وقيل: إن المسند هو: ما اتصل سنده من راويه حتى منتهاه، وهذا معنى قول الناظم رحمه الله تعالى: "أو ذا ما وصل لقائل...". وهذا قول الحافظ الخطيب البغدادي رحمه الله تعالى.
فهو على هذا يشمل الموقوف كما ذكر الناظم رحمه الله، كما يشمل المقطوع أيضا.
قال الحافظ العراقي رحمه الله تعالى: وكلام أهل الحديث يأباه.
والتعريف المختار للحديث المسند هو: أنه ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بسند ظاهره الاتصال.
وهذا اختيار الحاكم.
قال السيوطي رحمه الله تعالى: "والمراد: اتصال السند ظاهرا، فيدخل ما فيه انقطاع خفي،كعنعنة المدلس، والمعاصر الذي لم يثبت لقيه، لإطباق من خرج المسانيد على ذلك".
ورجح الحافظ رحمه الله تعالى هذا القول، وقال: "والذي يظهر لي بالاستقراء من كلام أئمة الحديث وتصرفهم، أن المسند عندهم: ما أضافه من سمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم إليه بسند ظاهره الاتصال".
قال شيخ الإسلام أبو زكريا الأنصاري رحمه الله تعالى: "والقائل به-أي بقول الحاكم-لحظ الفرق بينه وبين المتصل والمرفوع، من حيث أن المرفوع ينظر فيه إلى حال المتن دون الإسناد من أنه متصل أو لا، والمتصل ينظر فيه إلى حال الإسناد دون المتن من أنه مرفوع أو لا، والمسند ينظر فيه إلى الحالين معا فيجمع شرطي الرفع والاتصال، فيكون بينه وبين كل من المرفوع والمتصل عموم وخصوص مطلق، فكل مسند مرفوع ومتصل، ولا عكس.
والحاصل: أن بعضهم جعل المسند من صفات المتن، وهو القول الأول –أي قول ابن عبد البر-، فإذا قيل: هذا حديث مسند علمنا أنه مضاف إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ثم قد يكون مرسلا ومعضلا إلى غير ذلك.
وبعضهم جعله من صفاته أيضا، لكن لحظ فيه صفة الإسناد، وهو القول الثاني –أي قول الخطيب -، فإذا قيل: هذا مسند علمنا أنه متصل الإسناد، ثم قد يكون مرفوعا وموقوفا إلى غير ذلك.
وبعضهم جعله من صفاتهما معا، وهو القول الثالث –أي قول الحاكم -".
هذا والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
تابع القراءة

0 مبحث: تعلق الصفات

التسميات:
بسم الله الرحمان الرحيم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله


قال الناظم رحمه الله تعالى:
وَوَاجِبٌ تَعْلِيقُ ذِي الصِّفَاتِ ** حَتْمًا دَوَامًا مَا عَدَا الحَيَاةِ
فَالعِلْمُ جَزْمًا وَالكَلَامُ السَّامِي ** تَعَلَّقَا بِسَائِرِ الأَقْسَامِ
وَقُدْرَةٌ إِرَادَةٌ تَعَلَّقَا ** بِالمُمْكِنَاتِ كُلِّهَا أَخَا التُّقَى
وَاجْزِمْ بِأَنَّ سَمْعَهُ وَالبَصَرَا ** تَعَلَّقَا بِكُلِّ مَوْجُودٍ يُرَى

قلت:
المراد بتعليق الصفات: اقتضاء الصفة أمرا زائدا على على قيامها بالذات، كاقتضاء العلم معلوما ينكشف به، واقتضاء الإرادة مرادا يتخصص بها، وهكذا.
وحاصل ما ذكره الناظم رحمه الله تعالى هنا: أن هذه الصفات من حيث التعلق على أربعة أقسام:
الأول: ما لا يتعلق بشيء، وهو: صفة الحياة، إذ هي صفة تصحح لمن قامت به الإدراك، من غير أن تطلب أمرا زائدا على قيامها بمحلها.
القسم الثاني: ما له تعلق بجميع أقسام الحكم العقلي، التي هي: الواجب والمستحيل والجائز، وهما صفتان: العلم والكلام. وهذا مراده بقوله:
فَالعِلْمُ جَزْمًا وَالكَلَامُ السَّامِي ** تَعَلَّقَا بِسَائِرِ الأَقْسَامِ
فالعلم يتعلق بجميع الواجبات والجائزات والمستحيلات تعلقا تنجيزيا قديما.
مثال الواجبات: ذاته وصفاته وأفعاله، فيعلمها على الحقيقة .
مثال الجائزات: ذات الممكنات وصفاتها .
مثال المستحيلات: الزوجة والولد والشريك وسائر النقائص، فيعلمها مستحيلة منفية عنه سبحانه.
والكلام أيضا مثله، يتعلق بجميع الممكنات والواجبات والمستحيلات.
والمثلية هنا من حيث تلك الأحكام الثلاثة، وإن اختلفت جهة التعلق. فتعلق العلم تعلق انكشاف، بينما تعلق الكلام تعلق دلالة وإخبار .
مثال دلالة الكلام على الواجب: قوله تعالى « قل هو الله أحد»[ الإخلاص:1]
ومثال دلالته على الجائز: قوله تعالى « وربك يخلق ما يشاء ويختار » [ القصص:68].
ومثال دلالته على المستحيل: قوله تعالى « لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا »[ الأنبياء:22].
وتعلقه بالواجب والمستحيل تنجيزي قديم.
وبالنسبة لأفعال المكلفين: صلوحي قديم وتنجيزي حادث.
القسم الثالث: ما له تعلق بجميع الممكنات، وهو صفتان أيضا: الإرادة والقدرة. وهو مراده بقوله:
وَقُدْرَةٌ إِرَادَةٌ تَعَلَّقَا ** بِالمُمْكِنَاتِ كُلِّهَا أَخَا التُّقَى
والمعنى أن القدرة والإرادة تتعلقان بجميع الممكنات، ولا يشذ ممكن عنهما، سواء كان جليلا أو حقيرا، فكل الممكنات بالإضافة إلى عظمة الله متساوية.
ولا تتعلقان بواجب ولا مستحيل.
أما عدم تعلقهما بالواجب، فلأنهما إما أن يتعلقا بهما إيجادا أو إعداما.
ولا يجوز تعلقهما بإيجاده؛ لأنه يلزم منه تحصيل الحاصل، وهو باطل عقلا.
ولا بإعدامه؛ لأنه يلزم منه قلب الحقائق، فالواجب لا يمكن أن يفنى، لأنه إن فَنِيَ أصبح غير واجب، وذلك مستحيل .
وأما عدم تعلقهما بالمستحيل، فلأنهما إما أن يتعلقا بهما إيجادا أو إعداما.
ولا يجوز تعلقهما بإعدامه؛ لأنه يلزم منه تحصيل الحاصل.
ولا بإيجاده؛ لأنه يلزم عنه قلب الحقائق، والمستحيل لا يقبل الوجود
والقدرة والإرادة وإن تماثلا في التعلق بجميع الممكنات، إلا أنهما يختلفان من حيث جهة التعلق، فالقدرة تتعلق بالممكنات تعلق إيجاد وعدم، بينما الإرادة تتعلق بالممكنات تعلق تخصيص. أي أنها تخصص كل ممكن ببعض ما يجوز عليه من الممكنات.
القسم الرابع: ما له تعلق بجميع الموجودات، وهما: صفتا السمع والبصر، وهذا مراده بقوله:
وَاجْزِمْ بِأَنَّ سَمْعَهُ وَالبَصَرَا ** تَعَلَّقَا بِكُلِّ مَوْجُودٍ يُرَى
والمعنى: أن السمع والبصر يتعلقان بكل موجود، تعلق إحاطة وانكشاف.
هذا والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
تابع القراءة

0 الدَّعْوَة والدِّعْوَة والدُّعْوَة

التسميات:
بسم الله الرحمان الرحيم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله


قال الناظم رحمه الله تعالى :
24-وَدَعْوَةُ العَبْدِ الدُّعَا ** وَدِعْوَةُ المَرْءِ الدُّعَا
25-وَدُعْوَةٌ مَا صُنِعَا ** لِلأَكْلِ وَقْتَ الطَّلَبِ

قلت :
قوله (وَدَعْوَةُ العَبْدِ الدُّعَا) :
الدَّعْوَة-بالفتح- هو : الدُّعَاء[1]، وقال ابن مالك رحمه الله : "المرَّة من دعا: بمعنى سأل، وبمعنى نادى، وبمعنى بعث، وبمعنى عبد، وبمعنى ذكر، وبمعنى نسب، وبمعنى ندب إلى أمر، ومن دعت الثاكلة: ندبت، والحمامة :  صوَّتَتْ ، والثوب :  أَخْلَقَ وأحوجَ إلى غيره ، ولفلان الدعوة على فلان -بالفتح أيضا :  أي التقدم فى العطاء"[2].
قوله (وَدِعْوَةُ المَرْءِ الدُّعَا) :
الدِّعْوَة-بالكسر- : أن ينتسب الرجل إلى غير أبيه وغير رهطه[3]، قال عبيد الله بن الحر :
تزعم لي أنك من باهلة** تلك لعمري دِعوة خاملة
قوله (وَدُعْوَةٌ مَا صُنِعَا**لِلأَكْلِ وَقْتَ الطَّلَبِ):
الدُّعْوَة -بالضم-: الدعاء إلى الطعام والشراب[4].
قال البطليوسي: "وأما الدُّعْوَة بضم الدال : فزعم قطرب أنها الدعوة إلى الطعام، ولا أحفظ ذلك عن غيره، والذي حكاه اللغويون دَعْوَة بالفتح "[5] انتهى.




[1] - المحكم والمحيط الأعظم (2/325)، المثلث (2/13)، إكمال الإعلام بتثليث الكلام (1/216)، القاموس المحيط(1655)،لسان العرب (14/257)، تاج العروس (38/46)، المصباح المنير(1/194).
[2] - إكمال الإعلام (1/216).
[3] - المثلث (2/13)، إكمال الإعلام بتثليث الكلام (1/216)، القاموس المحيط(1655)، لسان العرب(14/261)، تاج العروس(38/49)، المصباح المنير (1/195).
[4] - القاموس المحيط (1655).
[5] - المثلث (2/14).
تابع القراءة

0 الباب الثاني: أحوال المسند إليه: (4) التنكير

التسميات:
بسم الله الرحمان الرحيم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله


قال الناظم رحمه الله تعالى:
وَإنْ مُنَكَّراً فَلِلتَّحْقيرِ ** وَالضِّدِّ وَالإفْرادِ والتَّكْثيرِ
وَضِدِّهِ ................                                         
قلت:
هذا هو الحال الرابع من أحوال المسند إليه، وهو: التنكير، أي: إيراده نكرة.
وهو يكون لدواع، ذكر الناظم رحمه الله تعالى منها خمسة، وهي:
أولا: التحقير، نحو: {يا قوم إنما هذه الحياة الدنيا متاع} [غافر:29]، أي: متاع حقير.
ثانيا: ضده، أي التعظيم، نحو: {لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تاتيهم البينة رسول من الله يتلو صحفا مطهرة} [البينة:1-2]، أي: رسول عظيم الشان والقدر.
ثالثا: الإفراد، نحو: {وجاء رجل من أقصا المدينة يسعى}[القصص:20]، أي: رجل واحد.
رابعا: التكثير، نحو قوله تعالى: {فإن كذبوك فقد كذب رسل من قبلك} [آل عمران: 184]، أي: رسل كثيرون.
خامسا: ضده، أي: التقليل، نحو قوله تعالى: {وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ومساكن طيبة في جنات عدن ورضوان من الله أكبر}[التوبة:72].
أي: ورضوان قليل من الله يفرغه على أهل جنات عدن، هو أكبر وأعظم من كل ما فيها من نعيم.

هذا والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
تابع القراءة
 
واحة الفقيه والمتفقه © 2010 | تعريب وتطوير : سما بلوجر | Designed by Blogger Hacks | Blogger Template by ColorizeTemplates