مباحث صفات الله تعالى: أولا الصفة النفسية

السبت، مايو 05، 2012 التسميات:

بسم الله الرحمان الرحيم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله

images (1)

الصفة في اللغة: الحِلْية.

واصطلاحا: معنى قائم بالذات دال عليها.

والمراد بها هنا: "ما يجب لله تعالى عقلا وشرعا من حقائق معنوية الإدراك قائمة بذاته سبحانه وتعالى ".

والصفة إن كانت موجودة في نفسها سواء كانت حادثة؛ كبياض الجرم وسواده، أو قديمة؛ كعلمه تعالى وقدرته، فإنها تسمى في الاصطلاح : صفة معنى .

وإن كانت الصفة غير موجودة في نفسها كانت واجبة للذات غير معللة بعلة، سميت: صفة نفسية، مثل التحيز للجرم وكونه قابلا للأعراض.

وإن كانت الصفة غير موجودة في نفسها إلا أنها معللة إنما تجب للذات مادامت علتها قائمة بالذات سميت: صفة معنوية؛ ككون الذات عالمة وقادرة ومريدة، فإنها معللة لقيام العلم والقدرة والإرادة بالذات.

ثم الصفة إما أن تكون سلبية أو ثبوتية .

فالسلبية هي التي توصف بها الذات من غير قيام معنى به؛ مثل: الأول والآخر والقابض والباسط .

والثبوتية هي التي اتصفت بها الذات لقيام معنى به؛ كالعلم والقدرة والإرادة والكلام .

وتنقسم الصفات أيضا إلى صفات الذات وصفات الفعل.

أما صفات الذات فهي: ما لا يجوز أن يوصف بضدها؛ كالقدرة.

وأما صفات الفعل فهي: ما يجوز أن يوصف بمقابلها؛ كالرحمة والغضب.

وردة حمراءوردة حمراءوردة حمراءوردة حمراءوردة حمراء

[أولا: الصفة النفسية]

قال الناظم رحمه الله تعالى:

فَاعْلَمْ بِأَنَّ الوَصْفَ بِالوُجُودِ

مِنْ وَاجِبَــــاتِ الوَاحِدِ المَعْبُودِ

إِذْ ظَاهِـــــــــرٌ بِأَنَّ كُلَّ أَثَرْ

يَهْـــــــــــدِي إِلَى مُؤَثِّـــرٍ فَاعْتَبِرْ

وَذِي تُسَمَّى صِــــــفَةً نَـفْسِيَّةْ

…………………..................

قلت:

هذا شروع من الناظم رحمه الله تعالى في بيان الصفات الإلهية، وبدأ بذكر الصفة النفسية، وهي صفة الوجود، فقال: (فَاعْلَمْ بِأَنَّ الوَصْفَ بِالوُجُودِ)؛ أي: إذا علمت أنه يجب على كل مكلف أن يعرف ما يجب وما يستحيل وما يجوز لله تعالى، وعلمت الطريق الموصل إلى المعرفة، فاعلم أن اتصافه تعالى بصفة الوجود، هي من بعض الصفات الواجبة له تعالى.

وذكر هذه الصفات ليس من باب الحصر، إذ صفاته سبحانه وتعالى وكمالاته لا تتناهى، إلا أنه لا يجب علينا تفصيل ما لم يقم عليه الدليل بالخصوص، بل الواجب أن نعتقد عدم تناهي كمالاته على سبيل الإجمال، وأما ما قام الدليل بخصوصه فيجب اعتقاده تفصيلا، وتلك هي الصفات المذكورة في هذا المبحث.

وسميت هذه الصفة بالنفسية لأن الوصف بها يدل على الذات نفسها دون معنى زائد عليها.

ولهذا تُعَرَّفُ بأنها: "صِفَةٌ ثُبُوتِيَةٌ يَدُلُّ الوَصْفُ بِهَا عَلَى نَفْسِ الذَّاتِ دُونَ مَعْنىً زَائِدٍ عَلَيْهَا".

قولنا: "صِفَةٌ": جنس في التعريف.

" ثُبُوتِيَةٌ " : قيد أول يخرج به الصفات السلبية؛كالقدم والبقاء.

" يَدُلُّ الوَصْفُ بِهَا عَلَى نَفْسِ الذَّاتِ " : أي أنها لا تدل على شيء زائد على الذات ، وهو قيد ثان يخرج به صفات المعاني ، فإنها تدل على معنى لا ذات .

" دُونَ مَعْنىً زَائِدٍ عَلَيْهَا " : تفسير لقولنا : " على نفس الذات " ، وهو قيد ثالث يخرج أيضا صفات المعاني ، لأنها تدل على معنى زائد على الذات ، وكذلك المعنوية .

والصفات النفسية هي صفة واحدة، وهي: الوجود - كما ذكرنا- .

والوجود يعني: ثبوت الشيء وتحققه. فالوجود: صفة ثبوتية يدل الوصف بها على الذات دون معنى زائد عليها ، فهي واجبة له تبارك وتعالى لذاته لا لعلة، أي أن غيره لم يؤثر في وجوده.

أما الوجود غير الذاتي مثل وجودنا فهو بفعله تعالى .

والدليل على وجود الله تعالى : النقل والعقل.

أما دليل النقل: فما ثبت بالكتاب والسنة والإجماع .

أما الكتاب: فقوله تعالى: { قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} [الرعد:16]. وقال تعالى { اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} [الزمر:62]. وقال تعالى: {اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ (61) ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ } [غافر: 61-62].

وأما السنة : قوله صلى الله عليه وآله وسلم: "إن الله خالق كل صانع وصنعته" رواه الحاكم في مستدركه من حديث سيدنا حذيفة رضي الله عنه .

وقد أجمعت الأمة على أن الله تعالى موجود .

وأما دليل العقل: فهو الذي أشار إليه الناظم رحمه الله بقوله: (إِذْ ظَاهِـــــــــرٌ بِأَنَّ كُلَّ أَثَرْ ** يَهْـــــــــــدِي إِلَى مُؤَثِّـــرٍ فَاعْتَبِرْ)؛؛ أي: أن كل أثر –أي: صنعة- تهدي وتدل على صانع لها.

وبيانه أن نقول: إن العالم حادث، وكل حادث لا بد له من محدث، فالعالم له مُحْدِثٌ وهو الله الواجب الوجود سبحانه؛ لأن العالَم لو لم يكن له محدث بل حدث بنفسه - أي ترجح وجوده على عدمه دون مرجح - لزم أن يكون أحد الأمرين المتساويين في العقل مساويا لصاحبه راجحا عليه بلا سبب مرجح، وهذا محال؛ لأنه جمع بين النقيضين. ولأن المُحْدِث للعَالَم يجب أن يكون غير العَالَم، والعالم ممكن، فالله يجب أن يكون واجب الوجود؛ لأنه لو كان ممكنا لاحتاج إلى من يُحْدِثُه.

هذا والله تعالى أعلم. وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله. والحمد لله رب العالمين.

بقلم : هشام حيجر
خريج دار الحديث الحسنية من المغرب الأقصى ، صدرت له مجموعة من الإصدارات العلمية ، تستطيع متابعتي من خلال ما يلي :

0 التعليقات :

 
واحة الفقيه والمتفقه © 2010 | تعريب وتطوير : سما بلوجر | Designed by Blogger Hacks | Blogger Template by ColorizeTemplates