باب الفعل

بسم الله الرحمان الرحيم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله

قال الناظم رحمه الله تعالى:

وَالفِعْلُ مَا يَدْخُلُ قَدْ وَالسِّينُ	عَلَيْهِ مِثْلُ بَانَ أَوْ يَبِينُ
أَوْ لَحِقَتْهُ تَاء مَنْ يُحَدِّثُ	كَقَوْلِهِم فِي لَيسَ: "لَسْتُ أَنفُثُ"
أَوْ كَانَ أَمْراً ذَا اشْتِقَاقٍ نَحْوُ: قُلْ	وَمِثْلُهُ اُدْخُلْ وَانْبَسِطْ وَاشْرَبْ وَكُلْ

الغريب:

أنفث: أنفخ.

إعراب اﻷبيات:

(وَالفِعْلُ) الواو استئنافية، الفعل: مبتدأ مرفوع (مَا) نكرة موصوفة مبني على الفتح في محل رفع خبر (يَدْخُلُ) فعل مضارع مرفوع (قَدْ) فاعل (وَالسِّينُ) عاطف ومعطوف والجملة في محل رفع صفة لـ "ما" (عَلَيْهِ) جار ومجرور متعلق بـ: "يدخل" (مِثْلُ) خبر مبتدأ محذوف وهو مضاف (بَانَ) فعل ماض مبني على الفتح (أَوْ) حرف عطف (يَبِينُ) فعل مضارع مرفوع معطوف على بان، وبان ويبين ﻻ فاعل لهما ﻷن المقصود بهما التمثيل فقط (أَوْ) حرف عطف (لَحِقَتْهُ) فعل ماض وتاء التأنيث الساكنة ﻻ محل لها من اﻹعراب والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به (تاء) فاعل مرفوع وهو مضاف والجملة من الفعل والفاعل والمفعول به في محل رفع معطوفة على ما قبلها (مَنْ) اسم موصول مبني على السكون في محل جر مضاف إليه (يُحَدِّثُ) فعل وفاعله ضمير مستتر والجملة من الفعل وفاعله صلة الموصول (كَقَوْلِهِم) جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف والتقدير: وذلك كائن كقولهم (فِي لَيسَ) جار ومجرور متعلق بـ "كقولهم" (لَسْتُ أَنفُثُ) لست فعل ماض ناقص مبني على السكون ﻻتصاله بتاء الفاعل والتاء ضمير متصل مبني على الضم في محل رفع اسم ليس وجملة "لست أنفث" في محل نصب مفعول للقول. (أَوْ) حرف عطف (كَانَ) فعل ماض ناقص مبني على الفتح (أَمْراً) خبر كان منصوب وجملة كان معطوفة على جملة يدخل فمحلها الرفع. (ذَا ) نعت لـ "أمرا" منصوب بالألف ﻷنه من اﻷسماء الخمسة وهو مضاف (اشْتِقَاقٍ) مضاف إليه (نحو) تقدم نظيره فلينظر هناك (قُلْ) فعل أمر وفاعله ضمير مستتر تقديره أنت والجملة مقول القول المحذوف (وَمِثْلُهُ) الواو: عاطفة، مثله: مبتدأ مرفوع وهو مضاف، والهاء مضاف إليه (اُدْخُلْ) فعل أمر وفاعله ضمير مستتر تقديره أنت والجملة من الفعل وفاعله في محل رفع خبر المبتدأ "مثلُ" (وَانْبَسِطْ وَاشْرَبْ وَكُلْ) معطوفات على ما قبلها.

بيان المعنى:

حاصل ما أشار إليه الناظم رحمه الله تعالى أن الفعل يتميز عن قسيميه الفعل والحرف بأربع علامات، وهي:

اﻷولى: قد، والمراد بها الحرفية، وهي تدخل على الماضي والمضارع؛ نحو: “قد بان" و"قد يبين". ومنه في التنزيل: { قد أفلح من زكاها }[الشمس:9]، و{ قد يعلم الله المعوقين منكم } [اﻷحزاب:18].

الثانية: السين، وهي حرف تنفيس تدخل على المضارع فقط وتخلصه للاستقبال بعد أن كان للحال أو محتملا له وللاستقبال، ومنه قوله تعالى { سيذَّكَّرُ من يخشى} [اﻷعلى:10].

الثالثة: تاء الفاعل، سواء كانت لمتكلم أو مخاطب، وهي مراده بقوله :”تاء من يحدث"، وهي تختص بالماضي فقط، ومنه قوله تعالى { واصطنعتُك لنفسي} [طه:41].

وقوله: “كقولهم في ليس: لست أنفث “ بيان لدليل فعلية "ليس"، وهو كونها تدخل عليها تاء الفاعل. ومنه قوله تعالى في التنزيل { ألستُ بربكم} [اﻷعراف:172].

ومثل تاء الفاعل: تاء التأنيث الساكنة، وهي تلحق بالفعل الماضي فقط أيضا؛ نحو قوله تعالى: { علمتْ نفس ماقدَّمتْ وأخرت } [ اﻻنفطار:5].

الرابعة: دلالة الكلمة على اﻷمر بما اشتقت منه وهو المصدر، كما مثَّل به من نحو: “قل"، فإنه يدل على اﻷمر بما اشتق منه وهو القول، و"ادخل" فإنه يدل على اﻷمر بما اشتق منه وهو الخروج، و"انْبَسِطْ" فإنه يدل على اﻷمر بما اشتق منه وهو اﻻنبساط، و"اشْرَبْ" فإنه يدل على اﻷمر بما اشتق منه وهو الشرب، و"كُلْ" فإنه يدل على اﻷمر بما اشتق منه وهو اﻷكل.

واﻻشتقاق من المصدر قيد احترز به عن نحو: "صَهْ" بمعنى: اسكت، و"مَهْ" بمعنى: انكفف، فإنهما وإن كانا أمرين فليسا بفعلين لعدم اشتقاقهما مما دلا عليه؛ أي: السكوت والكف.

هذا والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله، والحمد لله رب العالمين.