تمهيد: في المبادي العشرة لهذا الفن

الخميس، ديسمبر 16، 2010 التسميات:
006

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله

اعلم أنه ينبغي لطالب العلم أن يتصور العلم الذي يشرع في طلبه ، ليكون على بصيرة ، وذلك من خلال مبادئ عشرة ، جمعها الناظم رحمه الله تعالى في قوله:

إِنَّ مَبـــــــــَادِي كُلِّ فَنٍ عَشَــرَة                   الـحَدُّ وَالمَوْضُوعُ ثُـــــــمَّ الثَّـمَـرَة

وَ فَضْـلُهُ وَنِسْبَــــــةٌ وَالوَاضِعْ                  وَالاِسْمُ الاِسْتِمْدَادُ حُكْمُ الشَّارِعْ

مَسَائِلٌ وَالبَعْضُ بِالبَعْضِ اكْتَفَى                  وَ مَنْ دَرَى الجَمِيـــــعَ حَـازَ الشَّرَفَا

*حد النحو:
تطلق كلمة النحو في اللغة،ويراد بها عدة معان، منها:
oالقصد:نحوت نحوا .
oالمثل:زيد نحو عمرو.
oالقدر:عندي نحو ألف درهم.
oالجهة:اتجهت نحو البيت.
oالنوع:هذا على خمسة أنحاء .
oالأصل:سلمان نحوه من أصبهان.
وقد جمع هذه المعاني بعضهم في قوله:

النحو في اللغة قصد أصل        وجهة قدر وقسم مثل

وأما في الاصطلاح:فقال الفاكهاني رحمه الله تعالى :"علم بأصول يعرف بها أحوال الكلم إعرابا وبناء"[1].
قال بعضهم:

عِلْمٌ بِهِ يُعْرَف أَحْوَالُ الكَلِمْ        إِعْرَاباً أَوْ بِنَا لَدَيْهِمْ قَدْ وُسِمْ

*موضوعه:الكلمات العربية من حيث إعرابها وبناؤها.
*ثمرته:معرفة صواب الكلام من خطئه، وفهم كلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وآله وسلم ،والنطق الصحيح.
قال بعضهم:

النحو زَيْــنٌ للفــتى       يُكْـِرمُهُ حيــثُ أَتَــى

مـن لم يَعْرِف النحو       فَـحَقُّـهُ أن يَسْكُتـَـــا

وقال آخر:

إنما النحــو قياس يتبـع  **  وبــه في كــل أمـر ينتفع

فإذا ما أبصـر النحوَ الفتى ** مـر في النطق مــرا فاتسـع

فاتقاه كل مـن جـالسه مـن**  جليـس ناطق أو مستمع

وإذا لم يبصر النحو الفـتى** هاب أن يـنطق حينـا فانقطع

فتراه ينصب الرفع و مـا ** كان من خفض ومن نصب رفع

يقرأ القرآن لا يعرف مـا ** صرف الإعراب فيــه ووضع

والذي يعرفــه يقـرؤه فـإذا**  ما شك في حرف رجع

ناظرا فيه وفي إعرابـــه ** فـإذا ما عرف اللحـن صدع

فَهُمَا فيه سواء عندكــم ** ليســت السنة فينا كـالبدع

وقال آخر:

النحو قنطرة إلى العلوم فهـــــــــــــــل يجاز بحر على غير القناطير

إن النحاة أناس بان مجدهــــم  **   فوق العباد جميعا بالمقادير

أصل الفصاحة لا يخشون من أحـد**  عند القراءة في أعلى المنابر

لو يعلم الطير ما في النحو من  ** شرف غـنت ورنت إليه بالمناقير

ومما يحكى في فضله : ما ذكره القاضي ابن خلكان في ترجمة الإمام النحوي الكبير تعلب ، أن أبا بكر بن مجاهد المقرئ قال :قال لي تعلب: يا أبا بكر اشتغل أصحاب الفقه بالفقه ففازوا، واشتغل أصحاب الحديث بالحديث ففازوا، واشتغلت أنا بزيد وعمرو، فليت شعري ماذا يكون حالي في الآخرة ، فانصرفت من عنده ، فرأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم تلك الليلة في المنام ، فقال لي:أقرأ أبا العباس مني السلام ، وقل له : أنت صاحب العلم المستطيل.
*نسبته:هو من علوم اللغة.
*واضعه:الإمام علي عليه السلام.
وقيل:أبو الأسود الدؤلي بأمر من الإمام علي عليه السلام.
وروي في سبب ذلك : أن أبا الأسود الدؤلي ، قالت له ابنته : يا أبت ما أشدُّ الحرِّ ، برفع " أشد" ، وخفض " الحر" ، فظنها تستفهمه ، فقال مجيبا: شهرنا حار، فقالت له: إنما أردت الإخبار والتعجب ولم أرد الاستفهام ، فأتي عليا بن أبي طالب عليه السلام ، فقال له: يا أمير المؤمنين ذهبت لغة العرب حين خالطهم العجم ، وأخاف أن تضمحل لغة العرب، فضع لنا علما، فقال له: وما ذاك، فأخبره الخبر، فأمره باشتراء صفحة ، فاشتراها بدرهم ، وأملى عليه قوله : الكلام كله لا يخرج عن اسم وفعل وحرف جاء لمعنى، وانحو على هذا النحو.
قال ابن شعبان
[2] في ألفيته :

أول من أفادنا النحو علي    سببه خلف حكاه الدؤلي
عن بنته التي نوت تعجبا    فاستفهمت برفع فعله أبا
وقال قولي ما أشد الحرا    بالنصب في الدال الثقيل والرا
فاستنكرت مقالة أباها        فاستخبرت عن أصلها أباها
فقام في الوقت إلى الإمـــــــام وارث علم سيد الأنام
وقال عندي يا إمام من لحن   واللحن في أبنائنا من المحن
فما الذي يرمي إلى الصواب   وما طريق الأجر والثواب
قال الإمام اكتبه وخذه عني    وانقله بين التابعين عني
قال وما أكتب قال البسملة    وضع ثلاثا في الكلام معلمة
اسما وفعلا ثم حرفا منها ركبــــه والمعنى يلوح عنها
فالاسم ما أنبأ عن مسمى     والفعل عن حركة المسمى
والحرف ما عداها للمقتبس     فانح على ذا النحو ثم زد وقس

*اسمه:يطلق عليه اسم " النحو"، وقيل:إن سبب تسميته بذلك أن عليا u لما أمر أبا الأسود الدؤلي أن يضعه وعلمه الاسم والفعل والحرف وشيئا من الإعراب قال له :" انح هذا النحو".
*استمداده:من كلام العرب.
*حكم الشارع: هو من فروض الكفايات، وقد يتعين بالشروع فيه على مذهب من يرى تعين الفرض الكفائي بالشروع فيه ، أو إذا لم تتحقق الكفاية إلا بواحد معين.
*مسائله: قضاياه التي تذكر فيه صريحا أو ضمنا،نحو كون الفاعل مرفوعا، وأن النعت يتبع منعوته في إعرابه، إلى غير ذلك.

ــــــــــــ

[1]-هذا بناء على أن النحو لا يشمل الصرف،وأما بناء على أنه يشمله فلك أن تقول في تعريفه هو :علم بأصول يعرف بها أحوال الكلام حال إفراده،كالإدغام والإعلال،وتركيبه كالإعراب والبناء .
[2] - شعبان بن محمد بن داود الموصلي ، المعروف بالآثاري، نحوي أديب، له: ألفية في النحو سماها كفاية الغلام في إعراب الكلام ، ووسيلة الملهوف عند أهل المعروف، وشرح لألفية ابن مالك .توفي بالقاهرة سنة :828هـ.[ الضوء اللامع (3/301)، الأعلام (3/164)].

بقلم : هشام حيجر
خريج دار الحديث الحسنية من المغرب الأقصى ، صدرت له مجموعة من الإصدارات العلمية ، تستطيع متابعتي من خلال ما يلي :

0 التعليقات :

 
واحة الفقيه والمتفقه © 2010 | تعريب وتطوير : سما بلوجر | Designed by Blogger Hacks | Blogger Template by ColorizeTemplates