فصل في بيان أن العالم حادث

السبت، مايو 05، 2012 التسميات:

بسم الله الرحمان الرحيم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله

téléchargement

قال الناظم رحمه الله تعالى :

ثُمَّ اعْلَمَنْ بِأَنَّ هَذَا العَالَـــمَا

أَيْ مَا سِوَى اللهِ العَلِيِّ العـَــــالِمَا

مِنْ غَيْرِ شَكٍّ حَادِثٌ مُفْتَقِرُ

لِأَنــَّــــــــــــــهُ قَـــــــــامَ بِهِ التَّغَيُّــــرُ

حُدُوثُهُ: وُجُودُهُ بَعْدَ العَــــــــــــدَمْ

وَضِــــــدُّهُ هُوَ الـمُسَمَّى بِالقِــدَمْ

قلت:

العالَم -بفتح اللام-: كل ما سوى الله تعالى. والعالِم -بكسر اللام-: اسم من أسماء الله تعالى. قال تعالى: {عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال} [الرعد:9]. وفي قوله (العالَم والعالِم) جناس محرف، وهو: ما اتفقا فيه اللفظان في حروفهما؛ نوعها وعددها وترتيبها، واختلفا في حركاتها وسكناتها فقط.

لما فرغ الناظم رحمه الله تعالى من بيان أقسام الحكم العقلي، وتقرير وجوب معرفة الله تعالى على كل مكلف، أعقب ذلك ببيان الطريق الموصل إلى معرفة وجوده سبحانه وتعالى، وهي حدوث العالم، فقال: "ثم اعلمن بأن هذا العالم" إلى آخر كلامه.

أي: صَدِّق بأن العالم الذي هو كل ما سوى الله تعالى حادث مفتقر إلى مُوجِد يُوجِدُه ومُحْدِثٍ يُحْدِثُه، وهذا معنى الحادث كما قال الناظم رحمه الله تعالى: الموجود بعد العدم، ثم أشار إلى دليل هذا الحدوث، وهو قيام التغير من عدم إلى وجود ومن وجود إلى عدم به، أي بالعالم، يعني باعتبار بعضه، وهو الأعراض. وهذا التغير القائم به إما مشاهد؛ كالحركة بعد السكون، والضوء بعد الظلمة، والسواد بعد البياض ونحو ذلك. وإما مستدل عليه، وذلك لأن ما شوهد سكونه -مثلا- على الدوام كالجبال، أو حركته على الدوام كالكواكب، جاز أن يثبت له العكس، إذ لا فرق بين جرم وجرم، وإذا جاز عدمها استحال قدمها، لأن ما ثبت عدمه استحال قدمه، فتكون حادثة، فحينئذ جميع الأعراض حادثة، ويلزمها من حدوثها حدوث جميع الأجرام والجواهر، لعدم انفكاكها عن الأعراض الحادثة، وكل ما لا ينفك عن الحادث فهو حادث. فظهر من هذا أن العالم جميعه من أعراضه وأجرامه وجواهره حادث؛ أي: موجود بعد أن لم يكن.

وقول الناظم رحمه الله تعالى: (وَضِــــــدُّهُ هُوَ الـمُسَمَّى بِالقِــدَمْ): أي ضد الحدوث ومقابله: القدم، وهو لا يكون إلا لله تعالى، فهو سبحانه القديم، وسيأتي بيان معنى قدمه تعالى، وأن القديم اسم من أسمائه سبحانه وتعالى.

هذا والله تعالى أعلم. وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله.

بقلم : هشام حيجر
خريج دار الحديث الحسنية من المغرب الأقصى ، صدرت له مجموعة من الإصدارات العلمية ، تستطيع متابعتي من خلال ما يلي :

0 التعليقات :

 
واحة الفقيه والمتفقه © 2010 | تعريب وتطوير : سما بلوجر | Designed by Blogger Hacks | Blogger Template by ColorizeTemplates