باب فرائض الوضوء وسننه وفضائله: (3) فضائل الوضوء

السبت، مايو 05، 2012 التسميات:
بسم الله الرحمان الرحيم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله
téléchargement (3)
قال المصنف رحمه الله تعالى: ( وَأَمَّا فَضَائِلُهُ فَسَبْعَةٌ: التَّسْمِيَةُ، وَالْمَوْضِعُ الطَّاهِرُ، وَقِلَّةُ المَاءِ بِلاَ حَدٍّ، وَوَضْعُ الإِنَاءِ عَلَى اليَمِيْنِ، وَالغَسْلَةُ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ، وَالبَدْءُ بِمُقَدَّمِ الرَّأْسِ، وَالسِّوَاكُ. والله أعلم ).
قلت:
لما أنهى المصنف رحمه الله تعالى الكلام على القسم الثاني، الذي هو سنن الوضوء، شَرَع في الكلام على القسم الثالث، الذي هو فضائله، فذكر أن فضائل الوضوء سبعة. والمراد بفضائل الوضوء: رغائبه ومستحباته، وذلك أنا معاشر المالكية ينقسم المستحب -الذي هو المندوب- عندنا إلى ثلاثة أقسام: سنن ورغائب ونوافل.
فالسنن: ما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بفعله واقترن بأمره ما يدل على أن مراده به الندب، أو لم تقترن به قرينة على مذهب من يحمل الأوامر على الندب ما لم يقترن بها ما يدل على أن المراد بها الوجوب. أو ما داوم النبي صلى الله عليه وسلم على فعله.
والرغائب: وتسمى أيضا: الفضائل، هي: ما داوم النبي صلى الله عليه وسلم على فعله بصفة النوافل، أو رغب فيه بقوله: من فعل كذا فله كذا.
والنوافل: ما قرر الشرع أن في فعله ثوابا من غير أن يأمر النبي صلى الله عليه وسلم به، أو يرغب فيه، أو يداوم على فعله.
والمصنف رحمه الله تعالى ذكر هنا أن فضائل الوضوء سبعة، وهي:
الأولى: التَّسْمِيَةُ: وذلك لحديث: "توضئوا بسم الله". رواه النسائي وغيره.
والأمر هنا للاستحباب بدليل الأحاديث الكثيرة التي نقلت في صفة وضوئه صلى الله عليه وسلم ولم يذكر فيها التسمية. ولقوله صلى الله عليه وسلم للمسيء صلاته: "توضأ كما أمرك الله" وليس في آية الوضوء الأمر بالتسمية.
الثانية: الْمَوْضِعُ الطَّاهِرُ: لأنه أَسْلَمُ من المكان القذر.
الثَّالِثة: قِلَّةُ المَاءِ: أي الاقتصاد فيه، مع إسباغ الوضوء؛ أي: تعميمه. إذا السَّرف في الماء: غُلو وبدعة، لحديث: "لحديث عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بسعد وهو يتوضأ فقال: "ما هذا السرف ؟"، فقال: أفي الوضوء إسراف ؟، قال: "نعم، وإن كنت على نهر جار" رواه أحمد وابن ماجه، وهو وإن كان ضعيف السند، إلا أنه يشهد لَه كون معناه كان مشهورا في العصور الأولى. فعن هلال بن يساق التابعي قال:"كان يقال: في الوضوء إسراف ولو كنت على شاطئ نهر" رواه ابن أبي شيبة.
وليس هناك حد معين للماء الذي يستحب التوضؤ به، إذ ليس الناس في أحكام ذلك سواء، كما قال بعض العلماء: قد يرفق بالقليل فيكفي، وقد يخرق بالكثير فلا يكفي.
الرابعة: وَضْعُ الإِنَاءِ عَلَى اليَمِيْنِ: لفعله عليه الصلاة والسلام لذلك، ولأنَّه أَمْكَنُ في تناوُلِه. قال القرافي: "وهذه الـمُكْنَة إنما تتصور في الأقداح وما تدخل الأيدي إليه، أما الأباريق فالتمكن إنما يحصل بجعله على اليسار ليسكب الماء بيساره في يمينه".
الخامِسة: الغَسْلَةُ الثَّانِيَةُ: وذلك إِذَا أَوْعَبَ بِالأُولَى.
السَّادسة: الغَسْلَةُ الثَّالِثَةُ: في الوجه واليدين، واختلف في الرجلين؛ هل هما كذلك؛ فيستحب الثانية والثالثة ولو حصل الإنقاء بالأولى، أو المطلوب الإنقاء؟ قال المنوفي: "محلُّ الخلاف إذا كانتا غير نظيفتين، وأما إن كانتا نظيفتين فلا خلاف أنهما كسائر الأعضاء".
السَّابِعة: السِّوَاكُ: بكسر السين: يطلق على الفعل، وعلى العود الذي يتسوك به، وجمعه سُوُكٌ، ككتاب وكُتُب. وهو مأخوذ من ساك؛ أي: دلك، وقيل: من التسايك ، بمعنى التمايل، ومنه قول العرب: جاءت الإبل تتساوك؛ أي: تتمايل.
ويدل على سنيته واستحبابه: قوله صلى الله عليه وسلم: "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة". متفق عليه من حديث سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه.
قال ابن عبد البر رحمه الله تعالى في التمهيد: "وفي هذا الحديث أدلُّ الدَّلائل على فضل السواك والرغبة فيه .. وفضلُ السِّوَاك مُجْتَمَعٌ عليه لا اختلاف فيه".
وقد ورد في فضله أحاديث كثيرة، قال العلامة ابن الملقن الشافعي رحمه الله في البدر المنير: "قد ذكر في السواك زيادة على مائة حديث، فوا عجبا لسنة تأتي فيها الأحاديث الكثيرة، ثم يهملها كثير من الفقهاء، فهذه خيبة عظيمة!".
هذا والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله، والحمد لله رب العالمين.

بقلم : هشام حيجر
خريج دار الحديث الحسنية من المغرب الأقصى ، صدرت له مجموعة من الإصدارات العلمية ، تستطيع متابعتي من خلال ما يلي :

2 التعليقات :

Unknown يقول...

بارك الله لكم في هذا العمل ولكن نرجو منكم إتمام هذا العمل وجزيتم خيرا.

Unknown يقول...

اجزأكم الله خير

 
واحة الفقيه والمتفقه © 2010 | تعريب وتطوير : سما بلوجر | Designed by Blogger Hacks | Blogger Template by ColorizeTemplates