الْغَمْرُ والْغِمْرُ والْغُمْرُ

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله

قال الناظم رحمه الله تعالى :

10-الْغَمْرُ مَاءٌ غَزُرَا	وَالغِمْرُ حِقْدٌ سُتِرَا
11-وَالْغُمْرُ ذُو جَهْلٍ سَرَى	فِيهِ وَلَمْ يُجَرَّبِ

قلت:

قوله: (الْغَمْرُ مَاءٌ غَزُرَا) :

الغَمْر - بالفتح - هو الماء الغزير الكثير، ومنه قول الشاعر[1]:

أَخَضَّنِي الْمَقَامَ الْغَمْر إِنْ كَانَ غَرَّنِي

سَنَا خُلَّبٍ أَوْ زَلَّتِ الْقَدَمَانِ

ويقال أيضا للرجل السخي الكثير العطاء الذي يَغْمُرُ جوده[2]، ومنه قولهم : " فلان غَمْرُ الرداء" . قال كثير عزة[3] :

غَمْرُ الرداءِ إذا تبسَّمَ ضاحكاً

غَلِقَتْ لضَحْكتِهِ رِقابُ المالِ

قال ابن سيده : وعَيْشٌ غَمْرُ الرِّداءِ : واسِعٌ خَصِيبٌ[4].

والغَمْرُ أيضا : السريع من الخيل الكثير العدو، قال العجاج[5] : غَمْرَ الأجارِي مِسَحًّا مِهْرجَا.

وقال الزمخشري في أساس البلاغة[6] : وليل غَمْرٌ : أي شديد الظلمة، قال:

يَجْتَبْنَ أَثْناءَ بَهيمٍ غَمْرِ

داجِى الرَّواقَيْنِ غُدَافِ السِّتْرِ

وقال ابن فارس في المقاييس [7]: " الغين والميم والراء أصل صحيح يدل على تغطية وستر في بعض الشدة".

 

وقول الناظم رحمه الله ( وَالغِمْرُ حِقْدٌ سُتِرَا ):

الغِمْر - بالكسر - هو : الحقد[8]، وسمي به لأن الصدر ينطوي عليه، يقال: غَمِرَ عليَّ صدره.

ومنه الحديث الذي رواه أصحاب السنن إلا النسائي مرفوعا : " لا تجوز شهادة خائنٍ، ولا خائنةٍ، ولا زانٍ، ولا زانيةٍ، ولا ذي غِمْرٍ على أخيه".

قال صاحب مرقاة المفاتيح[9] : " ( ولا ذي غِمْر ) بكسر فسكون ، أي حقد وعداوة" انتهى.

والغِمْرُ أيضا : العَطَشُ[10] ، وجَمْعُه الأَغْمَارُ ، قال العَجّاج :

حَتَّى إِذا مَا بَلَّت الأَغْمَارَا

رِيّاً ولمَّا تَقْصَعِ الأَصْرارَا

وقوله (وَالْغُمْرُ ذُو جَهْلٍ سَرَى ** فِيهِ وَلَمْ يُجَرَّبِ ) :

الْغُمْر - بالضم - هو : الرجل القليل الحيلة الذي لم تحتنكه التجارب، وجمعه أَغْمَار[11]. قال الشاعر[12]:

أناة وحلما وانتظارا بهم غدا

فما أنا بالواني ولا الضَّرَعِ الغُمْرِ

وقد قيل أيضا بفتح الغين أيضا. قال المرتضى الزبيدي في التاج[13] : " والغُمْرُ : مَنْ لم يُجَرِّب الأُمُورَ وهو الجاهلُ الغِرُّ . قال ابن سِيدَه : ويُقْتَاسُ من ذلك لِكُلّ مَنْ لا غَناءَ عِنْدَه ولا رَأْى ، ويُثَلَّثُ ويُحَرَّك ، ويُقَال : رَجُلٌ غُمْرٌ وغَمْرٌ : لا تَجْرِبةَ له بحَرْبٍ ، ولم تُحَنِّكْه التَّجاربُ . قلْت : الفَتْح والضَّمّ والتَّحْرِيك هو المَنْصُوص عليه في الأُمَّهات اللُّغَويَّة ، وأَمّا الكَسْر فغَيْرُ مَعْرُوف . وأَنشد على الأَوَّل بَيْتَ الشَّمّاخ :

لا تَحْسَبَنِّي وإِنْ كُنْتُ أَمْرَءًا غَمِراً

كحَيَّةِ المَاءِ بَيْنَ الصَّخْرِ والشِّيدِ

هكذا رُوِيَ . قال ابنُ سِيدَه : لا أَدْرِي أَهُوَ إِتْبَاعٌ أَم لُغَة " انتهى.

---

[1] - البيت ذكره الفيروزآبادي في شرح مثلث قطرب، وكذا العلامة ابن السيد البطليوسي في " المثلث" (2/315) ولم ينسباه لأحد.

[2] - انظر: إصلاح المنطق (ص:4)، كتاب الصناعتين للعسكري (ص:354)، المحكم والمحيط الأعظم لابن سيده (5/520)، تهذيب اللغة للأزهري (8/127) ،مقاييس اللغة(4/392)، القاموس المحيط (1661) ، لسان العرب (5/29)، تاج العروس (13/259).

[3] - ديوانه (288)، واتظر أيضا المصادر السابقة.

[4] - المحكم والمحيط الأعظم (9/395).

[5] -ذكره ابن سيده في المحكم والمحيط الأعظم (5/520).

[6] - (ص:455).

[7] - (4/392).

[8] - انظر: إصلاح المنطق( 1/4)، المحكم والمحيط الأعظم (5/522)، إكمال الإعلام بثليث الكلام لابن مالك (2/469)، مقاييس اللغة (4/394)، تهذيب اللغة (8/128)، القاموس المحيط (1/580)، لسان العرب (5/30) ، تاج العروس (13/264)، المصباح المنير (2/453) .

[9] - ( 7/315).

[10] - انظر: مقاييس اللغة (4/395) ،تاج العروس (13/264). إكمال الإعلام بثليث الكلام لابن مالك (2/469)، تاج العروس (13/264)، المصباح المنير (2/453).

[11] - انظر : إصلاح المنطق( 1/4)، المحكم والمحيط الأعظم (5/522)، مقاييس اللغة (4/394)، إكمال الإعلام بثليث الكلام لابن مالك (2/469)، القاموس المحيط (1/580)، لسان العرب(5/31)،تاج العروس (13/256)، ( المصباح المنير (2/453).

[12] - ذكره في الأمالي(2/174)، وقال: قيل إنه لابن أذينة الثقفي.

[13] - (13/256).