مقدمة الناظم + المتن والإسناد

الأربعاء، ديسمبر 15، 2010 التسميات:
 
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله
قال الناظم رحمه الله تعالى :
بسم الله الرحمن الرحيم
حَمْداً لمن نَزَّلَ أحسن الحديث ** وصَلَوَاتُه تسح لا تريث
على الرسول المصطفى وآله ** وصحبه وناقلي أقواله
الناظم : هو مولاي أبو حامد محمد العربي بن يوسف بن محمد الفاسي الفهري ، الإمام العلامة المحقق شيخ الإسلام ، أخذ عن والده الشيخ الإمام العارف بالله أبي المحاسن ، وعمه الشيخ العارف عبد الرحمان ولازمه وعلي ابن عمران وأبي القاسم بن أبي النعيم الغساني وأبي الحسن القنطري وغيرهم ، وعنه جماعة ، من تآليفه : مرآة المحاسن من أخبار الشيخ أبي المحاسن ، وشرح على دلائل الخيرات ، والطرفة في نظم ألقاب الحديث ، ومراصد المعتمد في مقاصد المعتقد ، والإصابة في حكم طابة ، وغيرها ، توفي رحمه الله عام 1052هـ [ انظر : نشر المثاني 2/11)].
تسح : من السح وهو الصب الكثير المتتابع .
تريث : أي بلا إبطاء .
والكلام على البسملة والحمدلة والصلاة على سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم مبسوط في كتب أهل العلم ، وقد بسطت الحديث فيه في غير ما كتاب . فلا نطيل بذكره هنا .
                                          [ الحديث والخبر والأثر ]
قال الناظم رحمه الله تعالى :
وقد أشار بعض أعيان الورى ** بنظم ألقاب الحديث دررا
فما ألوت في ابتدار ما قصد جهد** مُقِلٍّ جَادَ بالذي وجد
مُقْتَصِراً فيه على الألقاب ** والله أستهدي إلى الصواب
ما ألوت : أي ما قصرت ، ولم أَدَعْ جُهْداً ، أو ما ألوت بمعنى : ما توانيت ولا أبطأت .
ابتدار: اغتنام ، والمسارعة إلى الشيء .
وحاصل ما ذكره المصنف رحمه الله تعالى هنا : أن بعض الأعيان سألوه نظم ألقاب الحديث ، أي مصطلحاته ، فسارع إلى إجابة طلبتهم ، باذلا غاية جهده في ذلك ، مبينا أنه سيقتصر في هذا النظم على بيان معاني الألقاب ، مستهديا الله تعالى إلى الصواب .
وقول الناظم رحمه الله تعالى ( نظم ألقاب الحديث ) أي مصطلحه .
وأما الحديث فهو في اللغة : الخبر والجديد.
وفي الاصطلاح فهو:"ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم قولا أو فعلا أو تقريرا أو صفة"[ فتح المغيث للسخاوي (1/21)].
وواضح من هذا التعريف أن الحديث إذا أطلق فهو ينصرف إلى حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دون غيره ، وهذا مذهب بعض المحدثين.
إلا أن الجمهور من المحدثين يندرج عندهم تحت مسمى (( الحديث )) ما أضيف إلى الصحابي ، أي الحديث الموقوف ، أو التابعي ، أي الحديث المقطوع ، ولهذا يعرفون الحديث بأنه :" ما أضيف إلى النبي ص أو إلى الصحابي أو إلى التابعي".
قال السيوطي رحمه الله في ألفيته:
                      وَقِيلَ:لاَ يَخْتَصُّ بِالمَرْفُوعِ بَلْ ** جَاءَ لِلْمَوْقُوفِ وَالمَقْطُوعِ
وعلى هذا فإن الحديث يرادف الخبر ، فهما بمعنى واحد.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في [ نزهة النظر شرح نخبة الفكر (ص:23)] : " والخبر عند علماء هذا الفن مرادف للحديث".
وقيل:إنهما متغايران .
فالحديث ما جاء عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، والخبر:ما جاء عن غيره.
وقيل: الحديث : ما جاء عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، والخبر : ما جاء عنه صلى الله عليه وآله وسلم وعن غيره.
فيكون بينهما عموم وخصوص مطلق ، فكل حديث خبر، ولا عكس .
ويرادف الحديث أيضا:الأثر.
قال الحافظ السيوطي رحمه الله تعالى:
                                      وَشَهَّرُواْ رِدْفَ الحَدِيثِ وَالأَثَرْ
قال الشيخ اللكنوي رحمه الله تعالى :"وعليه جمهور المحدثين من السلف والخلف،وهو المختار عند الجمهور،كما ذكره النووي في شرح مسلم"[ظفر الأماني (ص:4)].
وقيل:الحديث ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم .
والأثر:اسم للموقوف على الصحابة والتابعين،وهو اصطلاح الفقهاء الخراسانيين" [ المصدر السابق ].
والحاصل أن هذه العبارات الثلاث :الحديث والخبر والأثر تطلق عند المحدثين بمعنى واحد.
                                         [ المتن والسند ]:
قال الناظم رحمه الله تعالى :
                         
المتن ما روي قولا ونقل ** والسند الذي له به وصل
قلت :
المتن :
المتن في اللغة مأخوذ إما من المماتنة ، وهي المباعدة في الغاية ، لأن المتن غاية السند . أو من متنت الكبش إذا شققت جلدة بيضته واستخرجتها ، وكأن المسند استخرج المتن بسنده . أو من المتن ، وهو ما صلب وارتفع من الأرض ، لأن المسند يقويه بالسند ويرفعه إلى قائله . أو من تمتين القوس بالعصب ، وهو شدها به وإصلاحها. (المنهل الروي ، لابن جماعة ، ص : 29).
أما في اصطلاح المحدثين : فهو المروي الذي انتهى إليه الإسناد .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى: " المتن : ما ينتهي إليه الإسناد من الكلام ".(شرح النخبة،ص:24).
السند: في اللغة مأخوذ إما من السند، وهو ما ارتفع وعلا عن سفح الجبل لأن المسند يرفعه إلى قائله، أو من قولهم : ( فلان سند ) أي معتمد ، فسُمِّيَ الإخبار عن طريق المتن سندا لاعتماد الحفاظ في صحة الحديث وضعفه عليه . ( المنهل الروي ، لابن جماعة ، ص:29-30).
والمراد بالسند : الطريق الموصل إلى المتن . أي سلسلة الرواة .
والسند بمعنى الإسناد ، فهما مترادفان ، وهذا قول جمهور المحدثين.
قال السيوطي رحمه الله في ألفيته:
                       
وَالسَنَدُ الإِخْبَارُ عَنْ طَرِيقِ مَتْنٍ     كَالإِسْنَادِ لَدَى الفَرِيقِ
قال ابن جماعة:" والمحدثون يستعملون السند والإسناد لشيء واحد"[منهل الراوي ص:30).
وقيل بالفرق بينهما.
فالسند: الإخبار عن طريق المتن ، أي : رجال المتن.
والإسناد:عزو الحديث إلى قائله ، من قولك : أسندت الحديث إلى قائله:إذا رفعته إليه بذكر ناقله.
فمثلا قول البخاري رحمه الله تعالى: حدثنا الحميدي عبد الله بن الزبير قال :حدثنا سفيان قال :حدثنا يحيى بن سعيد الأنصاري قال: أخبرني محمد بن إبراهيم التيمي أنه سمع علقمة بن وقاص الليثي يقول: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه على المنبر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول :"إنما الأعمال بالنيات...
يسمى إسنادا.
وذات السلسة التي ذكر فيها البخاري رحمه الله تعالى رواة الحديث تسمى سندا.
فالإسناد:حكاية طريق متن الحديث.
والسند:طريق متن الحديث.
وعلى كل؛ فالخلاف في هذا ليس له كبير فائدة ، لأنه لا ينبني عليه أثر ، والله تعالى أعلم .

بقلم : هشام حيجر
خريج دار الحديث الحسنية من المغرب الأقصى ، صدرت له مجموعة من الإصدارات العلمية ، تستطيع متابعتي من خلال ما يلي :

0 التعليقات :

 
واحة الفقيه والمتفقه © 2010 | تعريب وتطوير : سما بلوجر | Designed by Blogger Hacks | Blogger Template by ColorizeTemplates