باب فرائض الوضوء وسننه وفضائله: (1) فرائض الوضوء

الاثنين، يناير 23، 2012 التسميات:
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله
images
قال المصنف رحمه الله تعالى: (بَابُ فَرَائِضِ الوُضُوْءِ وَسُنَنِهِ وَفَضَائِلِهِ
فَأَمَّا فَرَائِضُ الوُضُوْءِ فَسَبْعَةٌ: النِّيَّةُ عِنْدَ غَسْلِ الوَجْهِ، وغَسْلُ الوَجْهِ، وَغَسْلُ اليَدَيْنِ إِلى الْمِرْفَقَيْنِ، وَمَسْحُ جَمِيْعِ الرَّأْسِ، وَغَسْلُ الرِّجْلَيْنِ إِلى الكَعْبَيْنِ، وَالفَوْرُ ، وَالدَّلْكُ . فَهَذِهِ سَبْعَةٌ ).
ش: لما أنهى المصنف رحمه الله تعالى الكلام على الماء المطلق، شرع في الكلام على طهارة الحدث، وهي تنقسم إلى صغرى وكبرى وبدل منهما، فالصغرى: الوضوء، والكبرى: الغسل، والبدل منهما: التيمم.
وبدأ بالطهارة الصغرى، فقال: (بَابُ فَرَائِضِ الوُضُوْءِ وَسُنَنِهِ وَفَضَائِلِهِ): أي هذا الباب الذي سيذكر فيه أحكام الوضوء، وهي تشتمل على فرائض وسنن وفضائل.
وبدأ بذكر أولها فقال: (فَأَمَّا فَرَائِضُ الوُضُوْءِ فَسَبْعَةٌ ): والفرائض: جمع فرض، وهو: ما أمر الشارع المكلف به أمرا جازما، بحيث يثاب على فعله، ويعاقب على تركه. وهو مرادف للواجب وفاقا للشافعية وخلافا للحنفية في جعلهم الفرض: ما ثبت بالقطع ورودا ودلالة، والواجب: ما ثبت بدليل ظني. والخلاف لفظي على التحقيق.
وهذه الفرائض عدتها سبعة، وهي:
الفرض الأول: النية عند غسل الوجه: وذلك لقوله تعالى: { إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا} الآية، وقوله صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى". متفق عليه.
والمراد بالنية: العزم والقصد.
ومحلها: القلب.
وصفتها: أن يقصد بقلبه ما يريده بفعله، وليس عليه نطق بلسانه. ويلزم المتوضئ أن ينوي بوضوئه الطهارة من الحدث، ومعنى ذلك: استباحة كل فعل كان الحدث مانعا منه.
فإن نوى استباحة فعل معين فالأفعال على قسمين:
القسم الأول: ما يجوز فعله مع الحدث، مثل القراءة ظاهرا، ودخول المسجد، ونحو ذلك. فإن نوى بوضوئه استباحة فعل من هذا القسم فإن وضوءه لا يجزئه للصلاة ولا غيرها مما لا يجوز إلا بطهارة، وحكم حدثه باق.
القسم الثاني: ما لا يجوز فعله مع الحدث، ولا يجوز إلا مع ارتفاع حكمه، مثب الصلاة على اختلاف أنواعها من فرض ونفل، ومثل مس المصحف، والطواف بالبيت. فإن نوى بوضوئه استباخة بعض أفعال هذا النوع جاز له فعل سائرها، وكان حكم حدثه زائلا.
وقوله "عند الوجه" بيان لوقت وجوبها، وقبل غسل الوجه هي غير واجبة، ولكنه ينويها أول الوضوء ويستصحبها ذكرا إلى غسل الوجه. كما قال البرزلي: الذي عليه العمل والفتيا وعليه المتأخرون أن ينويها أول وضوئه، ويستصحبها ذكرا إلى غسل الوجه.
الفرض الثاني: غسل الوجه، لقوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ }، وللأحاديث المتواترة في صفة وضوئه صلى الله عليه وسلم وفيها أنه كان يغسل وجهه ولم يثبت عنه تركه ذلك، والسنة مبينة للقرآن، والإجماع قائم على فرضيته بلا خلاف بين الأمة.
وحد الوجه طولا: من منابت الشعر المعتاد إلى منتهى الذقن فيمن لا لحية له، أو منهى لحية لصاحب اللحية. وعرضا: من وتد الأذن إلى الوتد الآخر.
الفرض الثالث: غسل اليدين إلى المرفقين: لقوله تعالى { وأيديكم إلى المرافق}، وإلى هنا بمعنى مع.
الفرض الرابع: مسح جميع الرأس، لقوله تعالى: {وامسحوا برؤوسكم}. وكان صلى الله عليه وسلم وسلم يمسح جميع رأسه، والسنة مبينة للقرآن.
الفرض الخامس: غسل الرجلين إلى الكعبين، لقوله تعالى: { وأرجلكم إلى الكعبين}. وإلى هنا بمعنى مع. وتواترت الأحاديث عنه صلى الله عليه وسلم في صفة وضوئه أنه غسل رجليه، وهو المبين لأمر الله. وفي الحديث: "ثم يغسل قدميه كما أمره الله" رواه ابن خزيمة من حديث عمرو بن عبسة رضي الله عنه.
الفرض السادس: الفور، ويعبر عنه أيضا بالمولاة، وهو التتابع في غسل الأعضاء بأن لا يحصل بين العضوين تفريق كثير مع اعتبار اعتدال الأعضاء فلا عبرة بأعضاء الشَّاب الذي قرب بلوغه ولا الشيخ الفاني، واعتدال الزمان لا الصيف والشتاء.
ويدل على فرضيته حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقد توضأ وترك على قدميه مثل موضع الظفر، فقال لَه رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ارجع فاحسن وضوءك". رواه أبو داود وغيره. وصححه ابن خزيمة.
الفرض السابع: الدلك: وهو: إِمْرَارُ اليد وما في معناها على العضو، وهو واجب لنفسه، فلا يُسْقِطُه تَعْمِيمُ العُضْوِ بالماءِ.
ووجوبه مستفاد من الأمر بغسل هذه الأعضاء، لأن حقيقة الغسل: الإمساس مع الدلك، فإذا فات أحدهما فلا غسل.
*****
قال المصنف رحمه الله تعالى: ( لَكِنْ يَجِبُ عَلَيْكَ في غَسْلِ وَجْهِكَ أَنْ تُخَلِّلَ شَعْرَ لِحْيَتِكَ إِنْ كَانَ شَعْرُ اللِّحْيَةِ خَفِيْفًا تَظْهَرُ البَشْرَةُ تَحْتَهُ، وَإِنْ كَانَ كَثِيْفًا فَلاَ يَجِبُ عَلَيْكَ تَخْلِيْلُهَا، وَكَذَلِكَ يَجِبُ عَلَيْكَ في غَسْلِ يَدَيْكَ أَنْ تُخَلِّلَ أَصَابِعَكَ عَلَى المَشْهُورِ )
المعنى أنه يجب على المتوضئ إذا كان ذا لحية أن يخلل شعر لحيته بأن يحركه حتى يتحقق وصول الماء إلى البشرة، هذا إن كان شعر لحيته خفيفا تظهر منه البشرة، بخلاف ما إذا كان كثيفا لا تظهر منه البشرة، فلا يجب عليه تخليلها.
وكذا يجب عليه تخليل أصابع يديه على المشهور، وقيل: إنه مندوب، ولا يجب عليه نزع الخاتم ولو كان ضيقا. والله أعلم.

بقلم : هشام حيجر
خريج دار الحديث الحسنية من المغرب الأقصى ، صدرت له مجموعة من الإصدارات العلمية ، تستطيع متابعتي من خلال ما يلي :

0 التعليقات :

 
واحة الفقيه والمتفقه © 2010 | تعريب وتطوير : سما بلوجر | Designed by Blogger Hacks | Blogger Template by ColorizeTemplates