الأحكام العقلية

الخميس، أبريل 26، 2012 التسميات:

بسم الله الرحمان الرحيم. وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله.

images

مبحث الأحكام العقلية

قال الناظم رحمه الله تعالى:

أقسام حكم العقل لا محالة

هي الوجوب ثم الاستحالة

ثم الجواز ثالث الأقسام

فافهم منحت لذة الأفهام

وواجب شرعا على المكلف

معرفة الله العليِّ فاعرفِ

أي يعرف الواجب والمحالا

مع جائز في حقه تعالى

ومثل ذا في حق رسْلِ الله

عليهم تحية الإلهِ

فالواجب العقلي ما لم يقبلِ

الاِنتفا في ذاته فابتهلِ

والمستحيل كل ما يقبل

في ذاته الثبوتَ ضد الأولِ

وكل أمر قابل للانتفا

وللثبوت جائز بلا خفا

قلت:

ذكر الناظم رحمه الله تعالى في هذا الموطن ثلاثة مباحث، وهي:

المبحث الأول: أقسام الأحكام العقلية.

المبحث الثاني: وجوب معرفة هذه الأحكام في حق الله ورسله.

المبحث الثالث: تفسير وبيان هذه الأحكام.
فنقول وبالله التوفيق.

*****

المبحث الأول: أحكام الأقسام العقلية:

قال الناظم رحمه الله:

أقسام حكم العقل لا محالة

هي الوجوب ثم الاستحالة

ثم الجواز ثالث الأقسام

فافهم منحت لذة الأفهام

قلت:

الحكم في اللغة: المنع. وفي الاصطلاح: "نسبة أمر لآخر إثباتا أو سلبا".

وهو ينقسم إلى ثلاثة أقسام:

1-عقلي: وهو: ما يدرك بالعقل من غير أن يعتمد في حكمه على العادة والتجربة ، أو على وضع الشارع الحكيم . مثاله:الحكم بأن الكل أكبر من الجزء، فهذه قضية عقلية قطعية لا تقبل النقض.

2-عادي: وهو: ما يدرك بالعادة والتجربة . ومثاله : الحكم بأن النار محرقة .

3-شرعي: وهو: ما يدرك من جهة الشارع، مثل: كون الصلاة واجبة . فهذا الحكم لا نستطيع أن ندركه بالعقل ولا بالعادة، بل يتوقف إدراكه على بيان الشارع.

والمقصود هنا هو الأول؛ أي الحكم العقلي.وسبب إيرادنا هنا الحكم العقلي دون قسيميه: أننا هنا في مقام الاستدلال على أصول الشرائع، أي أننا في مقام الاستدلال على من أنزل الشريعة، فلهذا يجب أن نعتمد على أمر ثابت في نفسه قبل نزول الشرائع، ولا يوجد إلا العقل أو العادة ، فأما العادة فيجوز تغيرها بخلاف العقل، فلهذا اعتمدنا حكمه هنا، والله أعلم.

ثم هذا الحكم العقلي على ثلاثة أقسام: واجب، وجائز، ومستحيل. وسيأتي بيانه في المبحث الثالث إن شاء الله تعالى.

******

المبحث الثاني: وجوب معرفة هذه الأحكام في حق الله تعالى ورسله.

قال الناظم رحمه الله تعالى:

وواجب شرعا على المكلف

معرفة الله العليِّ فاعرفِ

أي يعرف الواجب والمحالا

مع جائز في حقه تعالى

ومثل ذا في حق رسْلِ الله

عليهم تحية الإلهِ

قلت:

المكلف: من التكليف، بمعنى المشقة. قال المرتضى الزبيدي رحمه الله: " والتَّكلِيفُ: الأَمْرُ بما يَشُقُّ علَيْكَ، وقد كَلَّفَه تَكْلِيفاً، قالَ الله تعالى : « لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا»[البقرة:286]. وتَكَلَّفَه تَكَلُّفاً: إذا تَجَشَّمَهُ، نقَلَه الجَوْهرِيُّ، زادَ غيرُه: على مَشَقَّةٍ وعلى خِلافِ عادةٍ ".

أما في الاصطلاح، فهو: إلزام ما فيه كلفة، أو طلب ما فيه كلفة. قال سيدي الحاج الشنقيطي في المراقي:

وهو إلزام ما يشق *** أو طلب، فاه بكلٍّ خلق

ويشترط فيه: العقل، والبلوغ، وبلوغ الدعوة.

فالمكلف إذن هو: العاقل البالغ الذي بلغته الدعوة.

وقول الناظم رحمه الله: إنه يجب على المكلف أن يعرف الواجب والجائز والمستحيل في حق الله تعالى وفي حق رسله، فلأن ذلك هو موضوع علم التوحيد، كما سبق بيانه في مبادئ هذا العلم. والدليل على وجوب هذه المعرفة: قولُه تعالى :« فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ»[محمد:19]، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث المتواتر: "أُمِرْتُ أن أُقَاتِل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله" الحديث.متفق عليه.

******

المبحث الثالث: في تفسير وبيان الأحكام العقلية

قال الناظم رحمه الله تعالى:

فالواجب العقلي ما لم يقبلِ

الاِنتفا في ذاته فابتهلِ

والمستحيل كل ما يقبل

في ذاته الثبوتَ ضد الأولِ

وكل أمر قابل للانتفا

وللثبوت جائز بلا خفا

قلت:

حاصل ما ذكره الناظم رحمه الله تعالى هنا: أن الحكم العقلي ينقسم إلى ثلاثة أقسام: واجب، وجائز، ومستحيل .

*الواجب: وهو: ما لا يقبل الانتفاء في ذاته، أي: إن العقل لا يمكن أن يصدق بجواز انقلابه، أو أن يفترض عدم كونه على هيئته المفروضة.

وهو على قسمين:

1-ضروري: وذلك مثل كون المُحْدَثِ لا بد له من مُحْدِثٍ. فهذا أمر بدهي يدركه العقل ضرورة ، ولا يمكن أن يفرض خلافه.

2-نظري: أي يحتاج إلى نظر لكي يتوصل العقل إلى التصديق به. وذلك مثل كون العالم حادثا ، وكون الله تعالى موجودا .

*المستحيل: ويسمى أيضا الممتنع، وهو بخلاف الواجب، أي ما لا يتصور في العقل وجوده.

وهو قسمان:

1-ضروري: ككون الواحد أكثر من الاثنين .

2-نظري: كوجود شريك لله تعالى، وكون العالم قديما.

*الجائز: ويسمى أيضا الممكن، وهو ما يصح في العقل وجوده تارة، وعدمه تارة أخرى.

وهو قسمان:

1-ضروري: نحو حركة الجرم وسكونه .

2-نظري: كتعذيب المطيع وإثابة العاصي؛ لأن الكلام في الإمكان العقلي، فلا ينافي أن ذلك ممتنع شرعا .

والله تعالى أعلم. وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله، والحمد لله رب العالمين

******

بقلم : هشام حيجر
خريج دار الحديث الحسنية من المغرب الأقصى ، صدرت له مجموعة من الإصدارات العلمية ، تستطيع متابعتي من خلال ما يلي :

0 التعليقات :

 
واحة الفقيه والمتفقه © 2010 | تعريب وتطوير : سما بلوجر | Designed by Blogger Hacks | Blogger Template by ColorizeTemplates