المقامة الدمياطية (2/1)

الاثنين، نوفمبر 25، 2013 التسميات:
بسم الله الرحمان الرحيم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله


(أخبَرَ الحارثُ بنُ هَمّامٍ قال: ظعَنْتُ) رحلت (الى دُمْياطَ) بلدة بمصر (عامَ هِياطٍ) صياح (ومِياطٍ) مدافعة، ومراده: أنه كان عام هرج وخلاف (وأنا يومئِذٍ مرْموقُ) منظور إليه (الرَّخاء) سعة الخير والمال (موموقُ) محبوب (الإخاء) الصحبة والصداقة ( أسْحَبُ) أجر (مَطارِفَ) ثياب لها أعلام في أطرافها (الثّراء) الغنى (وأجْتَلي) أنظر (معارِفَ) وجوه وأعيان (السَّرّاء) السرور والغنى (فرافَقْتُ) صحبت في السفر (صَحْباً) جمع صاحب (قد شَقّوا عَصا الشِّقاقِ) الخلاف، ومراده: أنهم تركوا الخلاف (وارْتَضَعوا) شربوا (أفاوِيقَ) جمع أفواق، وأفواق جمع فُواق، وهو ما بين الحلبتين. وفي الحديث:"من قاتل في سبيل الله فواق ناقة وجبت له الجنة" (الوِفاقِ) الموافقة (حتى لاحُوا) بَدَوْا (كأسْنانِ المُشْطِ في الاستِواء)  المشط: آلة يمشط بها الشعر والعرب تضرب المثل بذلك وهو يقع على كل استواء في أي حال، وإذا أرادوا الاستواء في الشر، قالوا: سواسية كأسنان الحمار   (وكالنّفْسِ الواحِدَةِ في التِئامِ الأهْواء) ائتلافها (وكُنّا مع ذلِك نَسِيرُ النَّجاء) السير السريع (ولا نرْحَلُ) نشد عليها الرحال (إلا كُلّ هَوْجاء) ناقة سريعة المشي كأن بها هوجا أي حمقا لسرعة مشيها (وإذا نزَلْنا منزِلاً. أو وَردْنا مَنْهَلاً) أتينا ماء ننزل عليه والمنهل: المشرب الأول، والثاني يسمى: العلل (اخْتلَسْنا) استلبنا (اللُّبْثَ) الإقامة (ولمْ نُطِلِ المُكْثَ) مثل اللبث، من الانتظار، وفي التنزيل: {فمكث غير بعيد} (فعنّ لَنا ) عرض ( إعْمالُ) استعمالها (الرِّكابِ) الإبل ( في ليلةٍ فَتيّةِ الشّبابِ) أي: شابة، ومراده: شدة سوادها وظلمتها (غُدافيّةِ)  مظلمة (الإهابِ) الجلد، ومراده لونها (فأسرَيْنا) سرنا ليلا (الى أن نَضا اللّيلُ) خلع وألقى (شَبابَهُ) أي: ظلامه ( وسلَتَ الصّبحُ خِضابَهُ) مسحه وألقاه (فحينَ ملِلْنا) سئمنا (السُرَى) السير ليلا (ومِلْنا الى الكَرى) النوم (صادَفْنا أرْضاً مُخضَلّةَ) مبتلة من الندى (الرُّبا) جمع ربوة، ما ارتفع من الأرض (مُعتلّةَ الصَّبا) الريح التي تهب من مطلع الشمس في زمن الاعتدال ومعتلة أي فيها لين وندى طيب (فتخيّرْناها) اصطفيناها (مُناخاً) مبركا (للعِيسِ) الإبل البيض التي تخالطها شقرة وغلب استعمالها في مطلق الإبل  (ومَحطّاً) منزلا تحط فيه الأحمال (للتّعريسِ) نزول المسافر آخر الليل للاستراحة (فلمّا حلّها الخَليطُ) المخالط والمجاور (وهَدأ) سكن (بها الأطيطُ) صوت الإبل وحنينها من ثقل أحمالها (والغَطيطُ) صوت النائم (سمِعْتُ صَيّتاً منَ الرّجالِ)  ذا صوت رفيع (يقولُ لسَميرِه) مسامره وهو المحادث ليلا (في الرّحالِ) المنازل والمساكن (كيفَ حُكْمُ سيرَتِكَ) عادتك وطريقتك ( معَ جيلِكَ) أهل عصرك (وجيرتِكَ؟) جيرانك ( فقال: أرْعَى) أحفظ حرمته ( الجارَ ولوْ جارَ) ظلم (وأبذُلُ) أعطي (الوِصالَ) المواصلة (لمَنْ صالَ) أظهر صولته (وأحْتَمِلُ الخَليطَ) أي: أذاه ( ولوْ أبْدى) أظهر (التّخليطَ) خلط المحبة بالعداوة (وأودّ) أحب (الحَميمَ) الصديق القريب (ولو جرّعَني) سقاني (الحَميمَ) الماء الحار ( وأفضّلُ الشّفيقَ) المشفق (على الشّقيقِ) الأخ من الأب والأم (وأفي للعَشيرِ) المعاشر (وإنْ لمْ يُكافئْ) يجازي (بالعَشيرِ) العشر من فعلي (وأستَقِلّ) أراه قليلا ( الجَزيلَ) الكثير (للنّزيلِ) الضيف (وأغمُرُ) أغطي (الزّميلَ) الرديف (بالجميلِ) المعروف( وأنزّلُ سَميري) محادثي ليلا (منزِلَةَ أميري) الحاكم علي (وأُحِلّ أنيسي) الذي يؤنسني بحديثه (محَلّ رَئيسي) يقال: فلان رئيس القوم، أي: افضلهم وأعزهم (وأُودِعُ مَعارِفي) أعطيها (عَوارِفي) هباتي، واحدها: عارفة (وأُولي مُرافِقي) أعطي مصاحبي في السفر (مَرافقي) جمع مرفق، ما يرتفق به، أي: ينتفع به (وأُلينُ مَقالي) أجعله لينا (للقالي) المبغض (وأُديم تَسْآلي) كثرة سؤالي ( عنِ السّالي) الناسي للمودة التارك لها (وأرْضى منَ الوَفاء باللَّفاء) الشيء القليل الحقير، من لفَّاه حقه، أي: بخسه (وأقْنَعُ) أرضى (منَ الَجزاء) المكافأة ( بأقَلّ الأجزاء) الأنصباء (ولا أتظلّمُ) أشتكي الظلم (حينَ أُظلَمُ. ولا أنْقَمُ) أنتقم (ولو لدَغَني) عضني (الأرقَمُ) الحية التي فيها سواد وبياض.
(فقال لهُ صاحبُه: ويْكَ) كلمة تعجب ( يا بُنيّ إنّما يُضَنّ) يبخل (بالضّنينِ) الشيء الذي يبخل به، وهذا من أمثال العرب، ومعناه: إنما يتمسك بإخاء من يتمسك بإخائك (ويُنافَسُ) يرغب (في الثّمينِ) النفيس (لكِنْ أنا لا آتي. غيرَ المُؤاتي) الموافق المساعد (ولا أسِمْ) من وسم، إذا أثر فيه علامة يعرف بها (العاتي) المستكبر ( بمُراعاتي) المحافظة على الود ( ولا أُصافي) أخلص له ودي (مَنْ يأبى إنْصافي) إعطائي الحق من نفسه (ولا أُواخي) أتخذه أخا (مَنْ يُلْغي الأواخي) أسباب الود، وادها: أخية (ولا أُمالي) أعاون (مَنْ يُخيّبُ آمالي) جمع أمل، وهو الرجاء (ولا أُبالي) لا أكثرت (بمَنْ صرَمَ حِبالي) قطعها (ولا أُداري) من المداراة بمعنى الملاطفة (مَنْ جهِلَ مِقداري) قدري ومقامي (ولا أُعطي زِمامي) قيادي (مَنْ يُخْفِرُ) ينقض (ذِمامي) عهدي (ولا أبْذُلُ وِدادي) حبي (لأضْدادي) أعدائي المناقضين لفعلي (ولا أدَعُ) أترك (إيعادي) تهديدي ووعيدي (للمُعادي) عدوي (ولا أغرِسُ الأيادي) النعم (في أرضِ الأعادي) أي: لا أسدي إلى الأعداء معروفا (ولا أسمَحُ بمُواساتي) المواساة: أن تنزل غيرك منزلة نفسك في النفع له والدفع عنه ( لمَنْ يفْرَحُ بمَساءاتي) ما يسوؤني، نقيض المسرات (ولا أرى التِفاتي)  نظري، كناية عن البر (الى مَن يشْمَتُ) يسر ويفرح (بوَفاتي) موتي (ولا أخُصّ بحِبائي) عطائي (إلا أحبّائي) جمع حبيب (ولا أستَطِبّ) أطلب طيبه (لدائي) علتي (غيرَ أوِدّائي) من يودني (ولا أمَلِّكُ خُلّتي) صداقتي (مَنْ لا يسُدّ خَلّتي) فقري وحاجتي (ولا أصَفّي نيّتي) أخلصها (لمَنْ يتمنّي منيّتي) موتي (ولا أُخْلِصُ دُعائي) أجعله خالصا (لمَنْ لا يُفعِمُ وِعائي) لا يملؤه ( ولا أُفرِغُ ثَنائي) أصب مدحي (على مَنْ يفْرغُ إنائي) يجعله خاليا ( ومنْ حكمَ) قضى، وهذا استفهام إنكار (بأنْ أبذُلَ) أعطي (وتخْزُنَ) تحبس (وألينَ وتخْشُنَ وأذوبَ وتجْمُدَ وأذْكو) أشتعل (وتخْمُدَ؟)  يقال: خمدت النار، إذا سكن لهيبها (لا واللهِ) المقسم عليه محذوف، تقديره: لا والله لا يكون كذلك (بلْ نتَوازَنُ في المَقالِ) نتساوى (وزْنَ المِثْقالِ) مثقال الشيء مثله في وزنه ( ونَتحاذَى) نتقابل (في الفَعالِ) بفتح الفاء اسم للفعل الحسن أو القبيح (حذْوَ النّعالِ) تطابقهما إشارة إلى المثل، فإن العرب تقول للشيئين المتشابهين: حذو النعل بالنعل، أي كل واحدة تقطع على قالب أختها (حتى نأَمنَ التّغابُنَ) غبن القوم بعضهم بعضا (ونُكْفى التّضاغُنَ) تفاعل من الضغن وهو الحقد (وإلا فلِمَ أُعِلُّكَ) أسقيك عللا، أي: مرة بعد أخرى (وتُعلّني)  تمرضني (وأُقلّكَ) أرفعك ( وتستَقلّني) تحقرني وتنتقص مني (وأجتَرِحُ لكَ) أكتسب (وتجرَحُني) من الجَرح (وأسْرَحُ إليْكَ) أرعى عليك وأجلب عليك الرزق بالغداة والعشي (وتُسرّحُني؟) تهملني (وكيف يُجْتَلَبُ) يطلب جلب (إنْصافٌ) عدل (بضَيْمٍ) ظلم (وأنّى تُشرِقُ شمْسٌ معَ غيْمٍ؟) سحاب (ومتى أُصْحِبَ) انقاد (وُدٌ بعَسْفٍ) جور (وأيّ حُرّ رضيَ بخُطّةِ) منزلة ورتبة (خسْفٍ؟) إذلال (وللهِ أبوكَ) يقصد نفسه إذ هو يخاطب ابنه كما ياتي (حيثُ يقول): [شعر]

(جزَيْتُ مَنْ أعلَقَ) ألصق (بي وُدَّهُ جَزاءَ مَنْ يبْني على أُسّهِ) أساسه، ومراده: أنه يجزيه جزاء  محسن للمجازاة، واضع لها موضعها، فإن الباني على الأساس، يكون بناؤه محكما متقنا (وكِلْتُ  للخِلّ) للصاحب (كما كالَ لي) أي كيلا مثل كيله ( على وَفاء الكَيْلِ أو بخْسِهِ) نقصه (ولمْ أُخَسِّرْهُ وشَرُّ الوَرى) الخلق من الناس ( مَنْ يوْمُهُ أخْسَرُ) أنقص (منْ أمْسِهِ) في الأثر: من استوى يوماه فهو مغبون، ومن كان يومه شرا من أمسه فهو محروم (وكلُّ منْ يطلُبُ عِندي جَنى) ما يجنى من الثمرة ( فما لهُ إلا جَنى غرْسِهِ) مغروسه (لا أبتَغي الغَبْنَ) لا أطلب الخداع (ولا أنْثَني) أرجع (بصَفقَةِ المغْبونِ) بيعة المخدوع (في حِسّهِ) في فهمه (ولسْتُ بالموجِبِ) الفارض (حقاً لمَنْ) أي:  للذي ( لا يوجِبُ الحقَّ على نفسِهِ) لغيره (ورُبّ مَذاقِ الهَوى) خلاط غير مخلص ( خالَني) حسبني ( أصْدُقُهُ) أخلصه (الوُدّ على لَبْسِهِ) تخليطه وتلبيسه (وما دَرى منْ جهلِهِ) أي: بسبب جهله ( أنّني أقْضي غَريمي) صاحب ديني ( الدّينَ منْ جِنسِه) من نوع ما عاملني به (فاهجُرْ) اترك ودع (منِ استَغباكَ) عدك غبيا (هجرَ القِلى) البغض (وهَبْهُ) عده واحسبه (كالمَلْحودِ) المدفون ( في رمْسِهِ) قبره (والبَسْ لمَنْ في وصْلِهِ لُبسَةٌ) شبهة (لباسَ مَنْ يُرْغَبُ عنْ أُنسِهِ) أي: يزهد فيه (ولا تُرَجِّ) من الرجاء (الوُدَّ ممّنْ يرَى) يظن (أنّك مُحْتاجٌ الى فَلْسِهِ) ماله.

بقلم : هشام حيجر
خريج دار الحديث الحسنية من المغرب الأقصى ، صدرت له مجموعة من الإصدارات العلمية ، تستطيع متابعتي من خلال ما يلي :

0 التعليقات :

 
واحة الفقيه والمتفقه © 2010 | تعريب وتطوير : سما بلوجر | Designed by Blogger Hacks | Blogger Template by ColorizeTemplates