الكلام وأقسامه

الأربعاء، ديسمبر 22، 2010 التسميات:

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله

14578

باب الكلام
 

(6)  حَدُّ الكَلاَمِ مَا أَفَادَ المُسْتَمِعْ

نَحْوُ: سَعَى زَيدٌ، وَعَمْروٌ مُتَّبِعْ

غريب الكلمات:

الكَلاَمُ: اسم جنس يقع على القليل والكثير.

إعراب اﻷبيات:

(حَدُّ) مبتدأ مرفوع وهو مضاف ( الكَلاَمِ) مضاف إليه (مَا) نكرة موصوفة بمعنى لفظ، وهي مبنية على السكون في محل رفع خبر المبتدأ (أَفَادَ) فعل ماض والفاعل ضمير مستتر تقديره هو يعود على "ما" والجملة في محل رفع صفة لـ "ما" (المُسْتَمِعْ) مفعول به منصوب بالفتحة، وإنما سكِّن مراعاة للرَّوِي (نَحْوُ) خبر لمبتدأ محذوف تقدير الكلام: وذلك نحو، وهو مضاف لقول محذوف، والتقدير: نحو قولك، ويصح أيضا اعتباره مضاف لجملة "سعى" بشرط قصد اللفظ (سَعَى) فعل ماض مبني على الفتح المقدر في آخره منع من ظهوره التعذر (زَيْدٌ) فاعل مرفوع (وَعَمْروٌ) الواو عاطفة، وعمرو مبتدأ (مُتَّبِعْ) خبر مرفوع سكن ﻷجل الروي، وجملة "عمرو متبع" معطوفة على جملة "سعى زيد"، وكل من الجملتين في محل نصب بالقول المحذوف.

بيان المعنى :

حد الكلام عند النحاة هو: القول الذي أفاد المستمع؛ أي: بأن أفهم معنى يحسن من المتكلم السكوت عليه، بحيث ﻻ يصير السامع منتظرا لشيء آخر تحصل له به الفائدة. وبشرط أن ﻻ يأتلف من أقل من كلمتين، وهو ﻻ يكون بهذا المعنى إﻻ إذا كان مركبا، وﻻ يكون إﻻ من جملة فعلية؛ نحو: "سعى زيد"، أو اسمية؛ نحو: "عمرو متبع". فكل جملة من هاتين الجملتين تسمى كلاما؛ ﻷنه مفيد فائدة يصح السكوت عليها، ومركب أيضا من كلمتين، بخلاف قولنا مثلا: "سعى" فقط أو "زيد" فقط، فإن كلا منهما يسمى على انفراده: "كلمة" ﻻ "كلاما"، وبخلاف نحو قولنا أيضا: "إن زيدا" فهو ﻻ يفيد معنى يحسن السكوت عليه، بل يظل السامع منتظرا لما بعده لتوقف ما بعده على إفادة معنى لديه، فإذا زدت مثلا: "مجتهد" صار مفيدا وكلاما. ونحو هذا أيضا: :"إن حضر زيد" فهو ليس كلاما حتى تقول مثلا: "أكرمته".

فائدة:

جرت عادة النحاة في هذا المقام ذكر بعض الإصطلاحات القريبة من مصطلح "الكلام"، وبيان معانيها، وهي:

*الكَلِم: اسم جنس جمعي[1]، وهو: ما كان متركبا من الأجزاء الثلاثة: الاسم والفعل والحرف.

فمثلا: "إن حضر المعلم" كَلِم، وليس كلاما؛ لأنها لم تفد شيئا، فإن قلنا:"إن حضرَ المعلِّمُ؛ قرأتُ"؛ صدق عليها أنها كلِمٌ وكلام.

وعليه فالفرق بين الكلم والكلام أن بينهما عموم وخصوص من وجه[2]، فالكلم أعم من جهة المعنى لكونه يصدق على المفيد وغيره، وأخص من جهة اللفظ لكونه لا يصدق على المركب من كلمتين.

فقولك:"زيد قام أبوه" كلام؛ لأنه مفيد، وكلم؛ لاجتماع الأجزاء الثلاثة: الاسم والفعل والحرف، و"قام زيد" كلام لا كلم، و"إن قام زيد" كلم لا كلام.

*****

*الكَلِمَةُ: تطلق في اللغة ويراد بها الجملة المفيدة ، نحو قوله تعالى: { كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا } [المؤمنون:100]، والمراد قولُه: { رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ } [ المؤمنون:99-100]. ونحو قولِه صلى الله عليه وآله وسلم: " أصدق كلمة قالها شاعر: كلمة لبيد: ألا كل شيء ما خلا الله باطل" متفق عليه.

وفي الاصطلاح، هي: " القول المُفْرَد ".

*****

*القَوْلُ: وهو: اللفظ الدال على معنى، سواء أفاد أو لم يفد، وهو أعم من الجميع، أي من الكلام والكلم والكلمة.

مثلا: قولنا: "ظلمة الليل" قول، ولا يصدق عليه أنه كلام ولا كلم ولا كلمة .

قال في "الألفية":

كَلاَمُنَا لَفْظٌ مُفِيدٌ كَاسْتَقِمْ

وَاسْمٌ وَ فِعْلٌ ثُمَّ حَرْفٌ الكَلِمْ

وَاحِدُهُ كَلِمَةٌ وَالقَوْلُ عَـمّْ

وَكَلِمَة بِهَا كَلاَم قدْ يُؤَمْ

أنواع الكلام

7

وَنَوْعُهُ الَّذِي عَلَيْهِ يُبْنَى

اِسْمٌ وَفِعْلٌ ثُمَّ حَرْفُ مَعْنَى

إعراب اﻷبيات:

(وَنَوْعُهُ) الواو: استئنافية، نوعه: مبتدأ مرفوع وهو مضاف والهاء ضمير متصل مبني في محل جر مضاف إليه (الَّذِي) اسم موصول مبني على السكون في محل رفع نعت لنوع (عَلَيْهِ) جار ومجرور متعلق بقوله (يُبْنَى) ويبنى: فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على اﻷلف المانع من ظهورها التعذر، ونائب الفاعل يعود إلى الكلام، والجملة صلة الموصول ﻻ محل لها من اﻹعراب (اِسْمٌ) خبر المبتدأ (وَفِعْلٌ) عاطف ومعطوف (ثُمَّ حَرْفُ) عاطف ومعطوف وهو مضاف (مَعْنى) مضاف إليه مجرور وعلامة جره: الكسرة المقدرة على اﻷلف المانع من ظهورها التعذر.

بيان المعنى :

لما فرغ الناظم رحمه الله تعالى من حد الكلام؛ أشار إلى بيان أجزائه التي يتألف من مجموعها، فذكر أنها ثلاثة: اسم وفعل وحرف جاء لمعنى.

واﻻسم لغة: ما دلَّ على مسمى. واصطلاحا: “ كلمة دلت على معنى في نفسها، وﻻ تقترن بزمان". قال بعضهم:

وَالاسْمُ مَا مَعْنَاهُ فِي نَفْسِهِ مِنْ

غَيْرِ اعْتِبَارٍ بِزَمَانٍ مُقْتَرِنْ

والفعل لغة: الحدث. واصطلاحا: "كلمة دلت على معنى في نفسها واقترنت بأحد من الأزمنة الثلاثة"، والتي هي: الماضي والحال والاستقبال.

قال بعضهم:

وَالفِعْلُ مَا دَلَّ عَلَى الزَّمَان

وَحَـدَثٍ دَلاَلَةَ اسْتِضْمَان

والحرف لغة: طرف الشيء. واصطلاحا: "كلمة دلت على معنى في غيرها".

واحترز الناظم رحمه الله بقوله:"جاء لمعنى" من حروف المباني، إذ الحروف نوعان:

* حروف مباني؛ وهي التي تَنْبَنِي منها الكلمة؛ كحرف: الزاي والياء والدال، التي تَنْبَنِي منها كلمة: "زيد"، وتسمى أيضا: بحروف التَّهَجِّي .

* وحروف معاني؛ وهي التي لها معنى مع غيرها؛ كـ (حروف الجر ، والجزم ، والاستفهام)، وهي مقصود الناظم رحمه الله بقوله : "وحرف معنى" .

والدليل على انحصار قسمة الكلام في هذه الأقسام الثلاثة ثلاثة أمور:

أولا: اﻹجماع؛ إذ أجمع علماء اللغة والنحاة على انحصار قسمة الكلام في هذه اﻷقسام الثلاثة.

ثانيا: الاستقراء التام؛ حَيْثُ استقرأ أئمة اللُّغَة الكلام، فوجدوه لا يخرج عن كونه: اسماً، وفعلاً، وحرفاً، والاستقراء التام حجَّة باتفاق .

ثالثا: الدليل العقلي؛ إِذْ العقل لا يقبل غير تلك القِسْمة .

هذا والله تعالى أعلم.


[1]- اسم الجنس على قسمين :

الأول: اسم جنس إفرادي: وهو ما دل على القليل والكثير من جنس واحد بلفظ واحد، وذلك كماء وتراب وزيت وخل، ومنه المصدر: كضرب وشرب وقيام وجلوس.

الثاني: اسم جنس جمعي: وهو ما يفرق بينه وبين واحده بالتاء غالبا، وذلك بأن يكون الواحد بالتاء، واللفظ الدال على الجمع بغير تاء، نحو: كلم وكلمة، بقر وبقرة، شجر وشجرة.

وقولنا: غالبا للإشارة إلى شيئين:

أولهما: أنه قد يفرق بين الواحد واللفظ الدال على الجمع بالياء المشددة، نحو: روم ورومي، وزنج وزنجي.

وثانيهما: أنه قد يكون اللفظ الدال على الجمع مقترنا بالتاء،والمفرد خاليا منها، عكس الغالب، نحو: كم وكمأة، وذلك النوع في العربية قليل جدا. انظر: شرح التصريح 1/24، وابن عقيل 1/15.

[2]-ضابط العموم والخصوص الوجهي: أن يجتمع اللفظان في الصدق على شيء، كاجتماع الكلام والكلم هنا في الصدق على "زيد قام أبوه" لأنه مفيد، وتركب من الأجزاء الثلاثة، وينفرد كل منهما بالصدق على شيء، كانفراد الكلام بالصدق على "قام زيد"، لأنه مفيد، وغير مركب من الأجزاء الثلاثة. وانفراد الكلم بالصدق على "إن قام زيد" لأنه مركب من الأجزاء الثلاثة، لكنه غير مفيد.

بقلم : هشام حيجر
خريج دار الحديث الحسنية من المغرب الأقصى ، صدرت له مجموعة من الإصدارات العلمية ، تستطيع متابعتي من خلال ما يلي :

0 التعليقات :

 
واحة الفقيه والمتفقه © 2010 | تعريب وتطوير : سما بلوجر | Designed by Blogger Hacks | Blogger Template by ColorizeTemplates