كتاب الصلاة: (1) شروط وجوب وصحة الصلاة

الأربعاء، نوفمبر 27، 2013 التسميات:
بسم الله الرحمان الرحيم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله

قال الماتن رحمه الله تعالى: [كتاب الصلاة]
قلت: لما أنهى الماتن رحمه الله تعالى الكلام على الوسيلة، التي هي الطهارة، شرع هنا يتكلَّم على المقصد، وهو الصلاة، التي هي ثاني قواعد الإسلام، كما في الحديث المشهور: "بُنِيَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنَّ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ الله، وإَقِاَم ِالصَّلَاةِ " الحديث.
والصلاة فرض عين على كل مكلف.
[ بَابُ شُرُوْطِ الصَّلاَةِ ]
وبدأ الماتن رحمه الله تعالى بذكر شروطها، فقال:
(بَابُ شُرُوْطِ الصَّلاَةِ: وَلِلصَّلاَةِ شُرُوْطُ وُجُوْبٍ ، وَشُرُوْطُ صِحَّةٍ ،
فَأَمَّا شُرُوْطُ وُجُوْبِهَا فَخَمْسَةٌ: الإِسْلاَمُ، وَالبُلُوْغُ، وَالعَقْلُ، وَدُخُوْلُ الوَقْتِ، وَبُلُوْغُ دَعْوَةِ النَبِيِّ صلى الله عليه وسلم )  .
والمراد بالشرط: ما يلزم من عدمه العدم، ولا يلزم من وُجُودِه وُجُودٌ ولا عَدَمٌ لِذَاتِهِ.
والفرق بينه وبين الفرض: أنه خارج عن الماهية؛ أي الحقيقة، والفرض داخل فيها.
وشروط الصلاة على قسمين: شروط وجوب، وشروط صحة.
أما شروط الوجوب، فخمسة شروط، وهي:
1- الإِسْلاَمُ: فلا تجب على الكافر، وهذا بناء على أنه غير مخاطب بفروع الشريعة.
2- البُلُوْغُ:  وهو عِبارةُ عن قُوَّةٍ تَحْدُثُ في الصَّبِيّ يخرجُ بها من حال الطفولية إلى حال الرجولة، وتلك القوة خفية لا تعرف، فجعل الشارع لها علامات تعرف بها، ويُسْتَدَلُّ بها عليه، وهي خمس علامات؛ ثلاثة مشتركة، وهي: الحلْم والإِنْبَات والسِّن، والمشهور أنه ثمان عشرة سنة، واثنان تختص بهما الإناث، وهما: الحيض والحمل. فلا تجِبُ على غير البالغ.
3- العَقْلُ: فلا تجب على المجنون لرفع الخطاب عنه .
4- دُخُوْلُ الوَقْتِ: فلا تجب قبل دخول وقتها، ولا تجزئ؛ إلا في الجَمْعِ، وسيأتي أسبابه.
وهو على ثلاثة أقسام: اختياري وضروري وقضاء .
فأما الاختياري للظهر؛ فأوله: من زوال الشمس - أي ميلها عن وسط السماء - إلى آخر القامة، ويُعرف ذلك بأن يُؤْخَذَ عُودٌ مُستقيمٌ فيُقام على أرض مستوية، فإذا انتهى الظل في النقصان وأخذ في الزيادة فهو وقت الزوال؛ لأنه إذا أشرقت الشمس امتدَّ الظل إلى جهة المغرب، ثم أخذ في النقص إلى أن يصير ظل القائم زائداً عليه بقدر الظل الذي زالت عليه الشمس، فحينئذ تزول الشمس عن كبد السماء ، ويتحول الظل الذي زالت عليه الشمس إلى المشرق، ثم يزيد إلى أن يساوي القامة ويزيد عليها مقدار ذلك الظل، فهو آخر الوقت،  وهو المراد بآخر القامة. وهو أول وقت العصر، ولذا يقع الاشتراك بينهما.
وما بعد آخر القامة في الظهر والاصفرار في العصر إلى الغروب ضروري لهما . ثم بعد الغروب يدخل وقت القضاء لهما .
وأول وقت المغرب الاختياري : غروب الشمس لمحصل شروطها، وآخره بالفراغ منها . وقيل : إلى مغيب الشفق الأحمر ، وهو أول وقت العشاء . وآخره : الثلث الأول منه . ومن الفراغ من المغرب إلى الفجر الصادق ضروري لهما ، وما بعده قضاء .
ومن الفجر الصادق إلى الإسفار الأعلى اختياري للصبح ، ومنه إلى طلوع الشمس ضروري ، وما بعده قضاء .
والأفضل للفذ : تقديمُ الصلاة ظهراً أو غيرها أول الوقت، لحديث:« أول الوقت رضوان الله »، وكذا تقديمها على جماعة يوقعونها آخر الوقت. وأما الجماعة فالأفضل لهم تقديم ما عدا الظهر، وأما هي فيؤخر لربع القامة ويزاد لشدة الحر . وفِي الجماعة نُدب تأخير العشاء قليلا .
ومن أخَّر صلاة حتى خرج وقتها قُتِل بالسيف حدّاً إن لم يكن جاحدا، ويُغَسَّل ويُصَلِّي عليه غيرُ الفضلاء، ولا يقتل بتأخير الفائتة، ولا يُطْمَسُ قبره. والجاحد كافر .
5-بُلُوْغُ دَعْوَةِ النَبِيِّ صلى الله عليه وسلم: فلا تجب على من لم تبلغه دعوة، ولا ثواب ولا عقاب لقوله تعالى {وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا }[الإسراء:15 ].
 [ شروط صحة الصلاة ]
قال الماتن رحمه الله تعالى: (وَأَمَّا شُرُوْطُ صِحَّتِهَا فَخَمْسَةٌ : طَهَارَةُ الحَدَثِ وَطَهَارَةُ الخَبَثِ، وَاسْتِقْبَالُ القِبْلَةِ ، وَسَتْرُ العَوْرَةِ ، وَتَرْكُ الكَلاَمِ ، وَتَرْكُ الأَفْعَالِ الكَثِيْرَةِ . وَاللهُ أَعْلَمُ ) .
قلت:
حاصل ما ذكره الماتن رحمه الله تعالى هنا أن شروط صحة الصلاة: خمسة أيضا، مع أنه ذكر ستة شروط، وهي:
1- طَهَارَةُ الحَدَثِ: بالوضوء والغسل أو بدلهما ، وهو التيمم .
2- طَهَارَةُ الخَبَثِ: أي : زَوَالُ النَّجاسة عن الثوب والبدن والمكان، وتقدَّم الكلام عليها .
3-اسْتِقْبَالُ القِبْلَةِ: لقوله تعالى: {قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولنك قبلة ترضاها فولّ وجهك شطر المسجد الحرام} .
4-سَتْرُ العَوْرَةِ: مع القدرة والذكر، فمن صلى مكشوف العورة المغلظة من ذكر أو أنثى كلها أو بعضها ولو قليلاً بطلت صلاته إن كان قادراً على الستر ذاكراً له، وعليه الإعادة مطلقاً، سواء في الوقت أو خارجه. أما إن صلى كاشفاً لها ناسياً أو عاجزاً عن الستر صحت صلاته. وعورة الرجل ما بين سرته وركبتيه، ولا تدخل السرة والركبة. وعورة الحرة جميع بدنها إلا الوجه والكفين، ولو مع نساءٍ أو في خلوة، إلا أنها تعيد لكشف صدرها وأطرافها بالوقت. وهذه العورة بالنسبة إلى الصلاة. وأما بالنسبة إلى النظر : فعورة الرجل والحرة مع مثلها ما بين السرة والركبة، ومع المحرم: ما عدا الوجه والأطراف، كعورة الرجل مع الأجنبية . وعورة المرأة مع الأجنبي: ما عدا الوجه والكفين.
5- تَرْكُ الكَلاَمِ: فلو تكلَّم لا لإصلاح صلاة عمداً بطلت ، أو سهواً فلا تبطل إلا بكثيره .
6-تَرْكُ الأَفْعَالِ الكَثِيْرَةِ: فلو فَعَلَها بَطُلَت صلاته .
هذا والله تعالى أعلم، وصلى الله على سيدنا محمد وآله، والحمد لله رب العالمين.

بقلم : هشام حيجر
خريج دار الحديث الحسنية من المغرب الأقصى ، صدرت له مجموعة من الإصدارات العلمية ، تستطيع متابعتي من خلال ما يلي :

0 التعليقات :

 
واحة الفقيه والمتفقه © 2010 | تعريب وتطوير : سما بلوجر | Designed by Blogger Hacks | Blogger Template by ColorizeTemplates